حنان العبيدي
في إطار الاحتفال باليوم الدولي للمرأة في الدبلوماسية، سلّطت جريدة الخبير الضوء على الدور المتنامي للمرأة التونسية في السلك الدبلوماسي، من خلال تصريحات خاصة لكل من وزير الشؤون الخارجية، محمد علي النفطي، والقنصل العام للجمهورية التونسية بمونتريال، السيدة لمياء القدّادي السيالة.
وجاءت التصريحات لتؤكد أن المرأة التونسية لم تكن يومًا على هامش العمل الدبلوماسي، بل كانت ولا تزال ركيزة في تمثيل الدولة، والدفاع عن مصالحها، وابتكار مقاربات جديدة تتماشى مع التحولات العالمية الراهنة.
النفطي: الدبلوماسية التونسية لن تكون ناجزة دون حضور المرأة
صرّح وزير الشؤون الخارجية محمد علي النفطي، في حديث خاص لجريدة الخبير، خلال الاحتفال باليوم الدولي للمرأة في الدبلوماسية، أن هذا اليوم يحمل رمزية استثنائية، ليس فقط للمرأة في المجال الدبلوماسي، بل للمرأة التونسية بصفة عامة.
وقال الوزير: “لا يمكن لتونس أن تتغيب عن هذه المناسبة التي أقرّتها منظمة الأمم المتحدة، فالمرأة التونسية كانت دائمًا شريكة فاعلة في بناء الدولة الحديثة منذ الاستقلال، من خلال حضورها في مختلف المجالات، من طب وقضاء وتعليم، إلى الشأن العام، واليوم أيضًا في السياسة الخارجية.”
وأشار النفطي إلى أن الاحتفاء بالمرأة التونسية في هذا اليوم هو اعتراف بدورها في فترة استثنائية من تاريخ تونس، حيث أسهمت بقوة في الدفاع عن سيادة البلاد وخدمة مصالحها العليا، واقتحمت مجالات كانت إلى وقت قريب حكرًا على الرجال، وعلى رأسها العمل الدبلوماسي.
وأضاف الوزير: “نحن نتحدث عن تساوي الفرص، ونفخر بوجود المرأة ضمن العائلة الدبلوماسية، وهو توجّه واضح يدعمه رئيس الجمهورية الأستاذ قيس سعيّد، من أجل دبلوماسية ناجزة، تتبنى مقاربات جديدة وتُثري المشهد الدولي بمبادرات جريئة وفاعلة.”
وأكد أن التحديات الأمنية والسياسية العالمية الراهنة تتطلب فكرًا متجددًا وطاقات قادرة على صياغة حلول مبتكرة، وهو ما تتميز به المرأة التونسية التي تتوفر فيها القيم والمبادئ الضرورية للنجاح في الحقل الدبلوماسي.
وفي ختام تصريحه، أوضح النفطي أن حضور المرأة في السلك الدبلوماسي لا يزال في حدود 30%، لكنه أعرب عن تفاؤله بمستقبل واعد قائلاً: “القادم أفضل، وسيتعزز حضور المرأة متى التزمت بالثوابت التي قامت عليها السياسة الخارجية التونسية، وساهمت بفكرها ومبادراتها في إرساء السلم والتنمية العادلة، التي نريدها عنوانًا لدبلوماسيتنا في العالم الجديد.”
لمشاهدة الفيديو اضغط على الرابط التالي:
لمياء القدادي السيالة: المرأة التونسية قادرة على تمثيل الوطن بكل جدارة… وتعديل القوانين ضرورة لدعم مساواتها الفعلية
أكدت السيدة لمياء القدّادي السيالة، قنصل الجمهورية التونسية بمونتريال، في تصريح خاص لجريدة الخبير، أن دور المرأة التونسية في العمل الدبلوماسي ليس حديث النشأة، بل يمتد إلى فترات مبكرة بعد الاستقلال، حيث كانت حاضرة بفاعلية في بناء صورة تونس في الخارج.
وأضافت: “أعتبر نفسي من الرعيل الأول الذي مثّل تونس في الخارج، إذ كانت انطلاقتي في 1993، في وقت لم يكن من السهل فيه على المرأة الخروج للعمل الدبلوماسي خارج حدود الوطن. لقد واجهنا صعوبات ذهنية ومجتمعية، ولكن بالإصرار والعمل والمعرفة أثبتنا قدرتنا على النجاح.”
وتابعت: “شخصيًا، خضت تجارب متعددة في واشنطن، ولندن، وفي منظمات متعددة الأطراف، وكنت مديرة في الإدارة المركزية، ثم قنصلًا عامًا. لم تكن الطريق مفروشة بالورود، ولكنها لم تكن مستحيلة أيضًا. المرأة عندما تؤمن بدورها، تستطيع أن تفتح الأبواب وأن تصنع مسيرتها بنفسها.”
وأكدت القنصل أن المرأة التونسية، سواء كانت دبلوماسية، أو طبيبة، أو فلاحية، أو حتى ربة بيت، تُجسّد جميعها نماذج للنضال اليومي والتفاني، مشيرة إلى أن “المرأة التونسية تساوي ألف رجل، بكل احترام للرجل، فهي تكافح في كل موقع وتؤمن بأحقيتها في بلوغ أهدافها.”
وفي ختام تصريحها، دعت السيدة لمياء القدّادي إلى ضرورة مراجعة بعض القوانين من أجل ضمان مساواة فعلية بين المرأة والرجل في مختلف المجالات، مؤكدة أن “المرأة لا تطلب منّة من أحد، بل تريد أن يضمن لها القانون حقّها المشروع في التقدّم والمشاركة، دون أن تكون رهينة لمزاج أو قرار شخصي.”
في خضم التحديات الأمنية والدبلوماسية التي يشهدها العالم، تواصل المرأة التونسية إثبات جدارتها وكفاءتها في مختلف مواقع القرار، داخليًا وخارجيًا.
ويُجمع الفاعلون في الحقل الدبلوماسي على أن تمكين المرأة، قانونيًا ومؤسساتيًا، وتعزيز حضورها في مواقع التأثير ليس خيارًا تجميليًا، بل هو ضمان لنجاعة السياسة الخارجية التونسية، واستدامة دورها الريادي على الساحة الدولية.
فالمرأة، كما أكد وزير الخارجية، “منارة تنير الطريق”، وكما عبّرت القنصل القدادي: “تساوي ألف رجل متى أُتيحت لها الفرصة”.