تحوّلت مباراة ديربي طرابلس بين فريقي أهلي طرابلس والاتحاد، التي جرت مساء الأربعاء ضمن منافسات الدوري الليبي الممتاز، إلى ساحة للفوضى وأعمال الشغب، مما أدى إلى إيقاف اللقاء قبل نهاية الشوط الأول، وسط حالة من الذهول والاستياء على المستويين الرياضي والشعبي.
شرارة الانفجار.. احتفال مستفز ومشادة جماعية
بدأت الأزمة عندما احتفل لاعب الاتحاد صبحي المبروك بطريقة استفزت جماهير ولاعبي أهلي طرابلس، عقب هدف سجله زميله نوفل الزرهوني. الاحتفال، الذي اعتُبر “غير لائق” من قبل الطرف الآخر، أشعل التوتر داخل الملعب، وأدى إلى نشوب مشادة عنيفة بين لاعبي الفريقين والجهازين الفنيين.
وسط هذه الأجواء المتوترة، قرر طاقم التحكيم البرتغالي بقيادة الحكم فابيو خوسيه كوستا الانسحاب ورفض استكمال المباراة، رغم بقاء اللاعبين على أرضية الملعب.
اقتحام خلف الأبواب المغلقة.. ووقوع إصابات
ورغم أن المباراة أُقيمت بدون جمهور لأسباب تنظيمية وأمنية، تمكنت جماهير غاضبة من اقتحام الملعب، مما أدى إلى إصابة الحكم بعد تعرضه لاعتداء، إلى جانب إصابة عدد من المشجعين. وتسبب هذا الاقتحام في انقطاع البث المباشر للمباراة، وسط حالة من الفوضى العارمة.
إطلاق نار وحرق حافلة.. العنف يتجاوز حدود الملعب
لم تتوقف الفوضى عند أسوار الملعب، بل امتدت إلى خارجه، حيث اندلعت اشتباكات بين جماهير غاضبة وقوات الأمن، وأكد شهود ومصادر لوكالة رويترز أن الرصاص الحي قد استُخدم خلال مناوشات، مما زاد الوضع اشتعالًا وخطورة.
في تطور خطير آخر، تم إضرام النار في حافلة نادي الاتحاد، ما دفع النادي إلى إصدار بيان عبر فيه عن “استهجانه الشديد للاعتداءات” التي طالت بعثته ولاعبيه.
ردود الأفعال.. إدانة واسعة ومطالبات بالمحاسبة
نادي أهلي طرابلس أصدر بيانًا رسميًا أدان فيه بشدة ما وصفه بـ “الاستخدام المفرط للقوة والرصاص الحي ضد جماهيره داخل مقر النادي وأثناء المباراة”، مطالبًا بفتح تحقيق فوري ومحاسبة كل المتورطين.
وأكد بيان النادي أن عددًا من أنصاره تعرضوا لإصابات متفاوتة، كما اعتبر ما حدث تجاوزًا خطيرًا لا يليق بالرياضة ولا بأجواء المنافسة الشريفة.
من جهته، طالب نادي الاتحاد أيضًا بمحاسبة المسؤولين عن حرق حافلة الفريق والاعتداء على عناصر البعثة، مشيرًا إلى ضرورة توفير حماية كافية للأندية في مثل هذه المباريات الحساسة.
تحقيق رسمي.. والاتحاد الليبي في موقف حرج
في أعقاب الأحداث، أعلنت الجهات المختصة فتح تحقيق رسمي في الواقعة للوقوف على خلفيات ما جرى ومحاسبة المقصرين، سواء من العناصر الأمنية أو المنظمين.
ويجد الاتحاد الليبي لكرة القدم نفسه أمام اختبار كبير، إذ تُوجه له أصابع الاتهام بعدم تأمين المباراة بالشكل الكافي، رغم علمه المسبق بحساسيتها الجماهيرية والتاريخية.
ديربي تحوّل إلى أزمة وطنية
ديربي العاصمة الليبية، الذي كان من المفترض أن يكون احتفالًا كرويًا بين اثنين من أكبر أندية البلاد، تحوّل إلى أزمة وطنية حقيقية تعكس هشاشة الوضع الأمني والتنظيمي، وتُعيد إلى الواجهة تساؤلات حادة حول قدرة الدوري الليبي على تنظيم مباريات كبرى في ظل الظروف الحالية.
تبقى أعين الشارع الرياضي الليبي معلّقة على نتائج التحقيق، وعلى ما إذا كانت هذه الحادثة ستدفع نحو إصلاحات جذرية في إدارة وتأمين المباريات، أم أنها ستكون مجرد حلقة أخرى في سلسلة فوضى باتت مألوفة.