الديوان الوطني للزيت حددّ سعرا ربحيا لمنتوجه و لم يراعي مصلحة المستهلك التونسي
يعتبر زيت الزيتون المصدر الرئيسي للمواد الدسمة في غذاء متساكني حوض البحر الأبيض المتوسط و هو أحد أهم العناصر المكونة لهذا النظام الغذائي الذي يتمتع بخصائص و منافع عديدة للوقاية من أمراض القلب و الشرايين و قد شهد هذا النظام الغذائي عندنا ارتفاعا مهولا في الأسعار هذا الموسم مقارنة بالموسم الفارط مما جعل البعض يتساؤلون في ريبة إن كانت حمى الأسعار التي أصابت أغلب المنتوجات الغذائية قد أصابت « عولة « التونسي من زيت الزيتون ؟

و اتصلت « الخبير « بالديوان الوطني للزيت الذي يهتم بتنظيم نشاط زيت الزيتون و من مهامه الرئيسية الإحاطة و دعم مزارعي الزيتون للرفع من الانتاجية و تحسين جودة زيت الزيتون و المساهمة في الرفع في الصادرات و تنظيم السوق الداخلية بتعديل الأسعار و الذي يبدو و أنه تخلى عن هذه المهمة حيث سحب منتوجه الموجه لاستهلاك المواطن العادي لمدة ستة أشهر ليضهر « باحتشام « كبير في السوق مسجلا ارتفاعا بدينار و 750 مليما دفعة واحدة ليتحول من 3400م إلى 5250م لسعر اللتر الواحد.
و قد أفادنا الرئيس المدير العام لديوان الزيت السيد « محمد بن محمد « من خلال الحوار التالي ببعض الاحصائيات و التوضيحات حول هذه المسألة :
لتعديل أسعار زيت الزيتون قام الديوان الوطني للزيت بمهمته إلى حدود سنة 2012 حيث حدد بيع الزيت الزيتون المعلب ب 3400م و لكن بعد أن انسحب هذا الزيت من السوق لمدّة 6 أشهر تفاجأ المستهلك بعودته للسوق بسعر 5250م .
و عن سؤلنا لماذا هذا الارتفاع المشط و الغير معقول ؟ و هل فقد ديوان الزيت مهمته الأصلية في تعديل الأسعار في السوق و مقاومة المحتكرين أم أنه اصطف ورائهم بسعر يلائم مصالحهم ؟
أجاب بأن هذا الارتفاع المشط لزيت الزيتون المعلب ناتج عن ارتفاع سعر الكلغ الواحد للزيت الزيتون بالمعاصر هذه السنة حيث وصل إلى حوالي 5800م في حين لم يتجاوز سعره في السنة الماضية 5000م و هذا الارتفاع لا يعني تخاذل ديوان الزيت في القيام بمهامه في تعديل أسعار الزيت المعلب و الدليل على ذلك أن الديوان قام بشرائه بهذا السعر أي 5800م و حدد بيعه ب 5250 م فقط متكبدا الخسارة في ذلك بفارق 550 م للكلغ الواحد و ذلك كله معاضدة لمجهود الحكومة للحد من ارتفاع الأسعار و مساندة مستهلكي زيت الزيتون المعلب اذ أنه مع سعر الشراء توجد عدة أليات أخرى ليصبح الزيت المعلب قابلا للبيع في السوق منها « تصفية الزيت و سعر القارورة و الملصقات التي توضع عليها « كل هذا لا يدخل في احتساب سعر القارورة الواحدة من الزيت المعلب التي يسوقها الديوان .
أما في ما يتعلق بالاصطفاف وراء المحتكرين بسعر الذي يلائمهم و يلائم الديوان فإن المصلحة الوحيدة للديوان هي الأخذ بيد المستهلك التونسي المنشغل بوتيرة أسعار قارورة زيت الزيتون و للتدخل التعديلي في السوق الداخلية يعتزم ديوان الزيت في الفترة القادمة و اثر غلق المعاصر و انتهاء الموسم وضع على ذمة المستهلكين منتوجا معلبا من الزيت البكر بأسعار معقولة و يجري الترتيب لهذه العملية لضمان نجاعتها و تحقيق أهدافها بعيدا عن أي توجه تنافسي مع بقية الأطراف المتداخلة في السوق و الدليل على ذلك أن سعر الزيت المعلب في المغازة العامة يبلغ « 6100م « و في مونوبري ب « 8280م « و كارفور ب « 5990م « فكيف يمكن أن نقول أن ديوان الزيت يتبع مصالحه في ذلك ؟
أما في ما يتعلق بالتصدير فتعتبر مؤشرات التصدير إيجابية إذ تعد الزيوت التونسية من أبرز الواجهات التي تستقطب الأنظار و الطلبات و هو ما يبشر بموسم واعد للغاية من حيث قيمة العائدات المالية بالعملة الصعبة التي تحتاجها البلاد إذ من المتوقع أن تتضاعف قيمة العائدات هذا الموسم في حال التعامل بنفس الكميات المصدرة السنة الفارطة و قد وصلت الصادرات حتى أواخر جويلية إلى 137 ألف طن تقدر قيمتها بحوالي 707 ملايين دينار في حين أنه في نفس الفترة من السنة الماضية لم تتجاوز الصادرات 106 ألاف طن بقيمة 585 مليون دينار و يفسر التطور الذي حدث كالآتي :
30% زيادة من حيث الكمية و 84% زيادة من حيث العائدات و يتوقع أن تصل العائدات في أواخر الموسم إلى 900 مليون دينار و هذا ما يجعل هذا النوع من النظام الغذائي يساهم بصفة فعالة في الميزان التجاري الغذائي.
هكذا كان رد السيد محمد بن محمد رئيس مدير عام ديوان الزيت و لمزيد من الاثباتات و التوضيحات توجهت « الخبير « إلى المعهد الوطني للاستهلاك و الذي استوضحنا أحد إطاراته بما يلي :
تراجع أسعار الزيت الزيتون على المستوى العالمي لسنة 2012 ب 38.3% نظرا لتراجع الانتاج العالمي .
زيادة في الانتاج التونسي لزيت الزيتون ب 30% مقارنة بسنة 2011 .
سجلت البيوعات لزيت الزيتون لسنة 2012 زيادة بنسبة 47% مقارنة بسنة 2011
الصادرات من زيت الزيتون لسنة 2012 بلغت حوالي 160 ألف طن بقيمة 593 مليون دينار في حين بلغت سنة 2011 حوالي 101 ألف طن فقط بقيمة 403 ملايين دينارا .
و تعتبر سنة 2004 أهم سنة في انتاج زيت الزيتون من حيث الكمية و من حيث القيمة فقد بلغت نسبة الانتاج 211 ألف طن بقيمة 707 ملايين دينار و ذلك حسب المعهد الوطني للإحصاء .
انعكس ارتفاع أسعار زيت الزيتون على القدرة الشرائية للمواطن الذي انعدمت قدرته على شرائه في ظل الارتفاع الناري لأسعاره و قد بين الديوان الوطني للزيت سبب ارتفاع أسعار الزيت الزيتون المعلب كان أبرزها ازدياد نشاط سوق التصدير للزيوت عالميا و لا نتغاضى أيضا عن عمليات تهريبه للدول المجاورة و أمام ارتفاع الأسعار يأمل المواطنون أن تتمكن الجهات الرقابية من الحد من ظاهرة تهريب المنتج و ضبط أسعاره بالأسواق .
و في الختام نلاحظ أن الرئيس المدير العام للديوان الوطني للزيت حاول اقناعنا بضرورة الترفيع في سعر منتوجه من الزيت إلى 5250 لكننا نعتبر من جهتنا أن إعادة توزيعه في السوق بهذا السعر بعد حجبه لمدة ستة أشهر لا يمكن تبريره لأن هذا السعر الذي شهد زيادة بدينار و 750 مليم لا يراعي حتى الفارق الذي ذكره عند شراء الكلغ لزيت الزيتون ب 5800 مليم و لو كان فارق بيع زيت الديوان بفارق 950م فقط و هو في حدود الفارق الذي ذكره لنا أي لو حدد بيع منتوجه لتعديل أسعار السوق بأربعة دنانير و 350 مليم ( 4.350د ) لأقنعنا بتبريراته لكن أن تكون الزيادة مثقلة بالفارق الذي ذكرناه لإقناعنا بتبرير الارتفاع فهذا غير منطقي و يتضارب حتى مع فارق سعر الشراء بتكلفة 5.800د الذي تحدّث عنه . هذا إلى جانب كون زيت الزيتون غير المعلب يباع حاليا بسعر خمسة دنانير لا أكثر في عديد الأماكن.
إذن يمكن القول أن الديوان الوطني للزيت قد يكون مصيبا في تدخلاته لدفع تصدير زيت الزيتون أما بالنسبة للاستهلاك الداخلي و بالتسعيرة التي حددها لبيع منتوجه فإنه تخلى عن مهمته المتمثلة في حماية المواطن التونسي من جشع المؤسسات المحتكرة لزيت الزيتون و التي تبيع حاليا بسعر 9.500د و أكثر للتر الواحد في أماكن لا تقل احتكارا عنها .
حنان العبيدي