استغلال الطاقات المتجددة في محطات التطهير

       تقليل التكاليف و تحسين جودة الخدمات و مواجهة التحديات الاقتصادية
في السنوات الأخيرة شهدت تونس تحولاً ملحوظاً في استراتيجياتها البيئية، خاصة فيما يتعلق بتطوير أنظمة معالجة المياه والنفايات، ومع التحديات البيئية المتزايدة أصبحت محطات التطهير بحاجة ماسة إلى اعتماد تقنيات جديدة ومبتكرة، و خلال السنة الحالية  بدأت تونس في استخدام الطاقات المتجددة في هذه المحطات، مما يعكس التزام البلاد بتحقيق التنمية البيئية، حيث تسعى بلادنا  كغيرها من الدول إلى تحقيق ذلك من خلال تبني استراتيجيات فعالة في مختلف المجالات، و  من بين هذه الاستراتيجيات يأتي استعمال الطاقات المتجددة في محطات التطهير كحل مبتكر لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية، وبدأت تونس تشهد تحولاً ملحوظاً في كيفية إدارة محطات التطهير بفضل إدخال تقنيات جديدة تعتمد على الطاقة الشمسية و طاقة الرياح والطاقة الحيوية.
* فماهي أهمية هذه المبادرات و ما مدى تأثيرها على البيئة والاقتصاد المحلي؟
تعد محطات التطهير من البنى التحتية الحيوية التي تلعب دورًا أساسيًا في حماية البيئة والصحة، ومع تزايد السكان والنمو العمراني تزداد كميات المياه المستعملة والنفايات التي تحتاج إلى معالجة، ومع ذلك فإن الاعتماد التقليدي على مصادر الطاقة غير المتجددة يزيد من التكاليف التشغيلية ويؤثر سلبًا على البيئة، لذلك فإن استخدام الطاقات المتجددة يوفر حلاً  يقلل من التكاليف ويعزز دور محطات التطهير.
* الطاقة الشمسية توفر 30% من فاتورة الطاقة
تتمتع تونس بمعدل إشعاع شمسي مرتفع مما يجعلها بيئة مثالية لاستغلال الطاقة الشمسية فقد تم تنفيذ مشاريع تركيب الألواح الشمسية في عدة محطات تطهير مما أسهم في توفير الطاقة اللازمة لتشغيل المعدات. و حيث تعتبر الطاقة الشمسية من أبرز مصادر الطاقة المتجددة التي يمكن استغلالها في محطات التطهير في تونس، فإنه على هذا الأساس  تم تركيب أنظمة شمسية في عدة محطات تطهير، مما ساعد على توفير الطاقة اللازمة لتشغيل المعدات الأساسية مثل مضخات وأنظمة التهوئة.
أظهرت الدراسات أن استخدام الطاقة الشمسية في محطات التطهير قد يقلل من فاتورة الطاقة بنسبة تصل إلى 30%، مما يتيح للمشغلين توجيه هذه المدخرات نحو تحسين خدمات التطهير وتوسيع نطاق العمليات… و في هذا الشأن قال الدكتور “سامي بن عمار” خبير في الطاقات المتجددة: “إن تحويل محطات التطهير إلى أنظمة تعمل بالطاقة المتجددة ليس مجرد خيار اقتصادي بل هو ضرورة بيئية. هذا التحول يمكن أن يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويساهم في تقليل انبعاثات الكربون بشكل كبير”.
* استغلال طاقة الرياح لتوفير طاقة نظيفة
في خطوة رائدة نحو تعزيز الاستدامة البيئية، أعلنت وزارة البيئة التونسية عن بدء تنفيذ مشروع استغلال طاقة الرياح في محطات التطهير، يأتي هذا المشروع في إطار الجهود المبذولة للحد من انبعاثات الكربون وتوفير مصادر طاقة نظيفة.
يشمل هذا المشروع  تركيب “توربينات” رياح في عدد من محطات التطهير الرئيسية في البلاد، حيث من المتوقع أن تسهم في توليد جزء كبير من الطاقة اللازمة لتشغيل هذه المنشآت، وقد تم اختيار مواقع المحطات بناءً على دراسات دقيقة شملت أفضل المواقع لاحتواء طاقة الرياح، و في هذا الاطار أكدت الدكتورة “هالة بن حم”د خبيرة في الطاقة المتجددة قائلة: “هذا المشروع يمثل خطوة كبيرة نحو تحقيق أهداف تونس في مجال الطاقة المتجددة و استغلال طاقة الرياح في محطات التطهير، ولن يكتفي فقط بتوفير الطاقة، بل سيساهم أيضًا في تقليل النفايات والانبعاثات.
* من نفايات عضوية إلى غاز حيوي
في إطار تعزيز استدامة البيئة وتقليل النفايات، وقع مؤخرا الإعلان عن بدء مشروع جديد لاستغلال الطاقة الحيوية في محطات التطهير. و يهدف هذا المشروع الطموح إلى تحويل المخلّفات العضوية الناتجة عن عمليات التطهير إلى طاقة قابلة للاستخدام، مما يعزز كفاءة تشغيل المحطات ويساهم في حماية البيئة.
سيتم تركيب أنظمة متطورة لتحويل النفايات العضوية إلى غاز حيوي، والذي يمكن استخدامه لتوليد الكهرباء أو كوقود لتشغيل مولدات الطاقة. و يتضمن المشروع عدة محطات في مختلف أنحاء البلاد،  مما يعكس التزام الحكومة بالتحول نحو اقتصاد مستدام. و بين المهندس “توفيق الجبالي” الخبير في الطاقة المتجددة قائلا : “هذه التكنولوجيا ليست جديدة، لكن تطبيقها في محطات التطهير التونسية يمثل إنجازًا كبيرًا، حيث سيؤدي ذلك إلى تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة الكفاءة”.
يمثل استغلال الطاقة الحيوية في محطات التطهير في بلادنا  خطوة نحو تحقيق مستقبل أخضر. يأمل المسؤولون أن يكون هذا المشروع نموذجًا يحتذى به لتطوير المزيد من المبادرات البيئية في البلاد.
استغلال الطاقات المتجددة في مجال التطهير في تونس يمثل خطوة هامة نحو تحقيق الاستدامة البيئية.  بدأت البلاد في رؤية نتائج إيجابية من هذه المبادرات من خلال تقليل التكاليف وتعزيز جودة الخدمات.
إن التحديات القائمة لا تزال في حاجة إلى حلول، ولكن التزام الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني يمكن أن يسهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
نجلاء العوني
شارك المقالة

Read Previous

الاقتصاد الدائري مستقبل صناعة دون غازات دفيئة

Read Next

تونس في خضم الإضطرابات العالمية.. هل هي كتابة تاريخ جديد ؟

Most Popular