الانتقال الايكولوجي استراتيجية وطنية اعتمدتها تونس منذ السنة الفارطة للفترة بين 2035 و 2050 من اجل تحسين جودة الحياة و ضمان بيئة سليمة، و ترتكز هذه الاستراتيجية على خمسة محاور تتوزع إلى 53 اجراء مترابطا ستحظى بدعم من برنامج الامم المتحدة الانمائي.
و تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعزيز حماية التنوع البيولوجي، وهو ما يبرز الحاجة الى مراجعة الاستراتيجية الوطنية للانتقال الايكولوجي من أجل تعزيز حماية التنوع البيولوجي البري و البحري و الحفاظ على انظمة الانتاج الزراعي و التكيف مع الوضع الحالي من اجل تلبية الاحتياجات البيئية خاصة ان تونس على غرار دول العالم تعاني من آثار تغيرات المناخ، و التي تتمظهر خاصة في الاجهاد المائي و تدهور البيئة و التلوث… اضافة الى تدهور انظمة الانتاج الفلاحي مما يتسبب في تراجع التنوع البيولوجي.
و من هنا جاءت الحاجة إلى اهمية مراجعة الاستراتيجية الوطنية للانتقال الايكولوجي و مراجعة خطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي، و تقدير تكاليف التدخلات ذات الصلة، و خطة العمل الوطنية للتنوع البيولوجي للفترة الممتدة بين سنوات 2018 و 2030.
* الحد من التلوث و الحفاظ على الموارد الطبيعية
جاء في تصريح سابق للسيد الهادي الشلي المدير العام للبيئة وجودة الحياة أنه من الضروري دعم الاجراءات المبكرة للاطار العالمي للتنوع البيولوجي من خلال مراجعة الاستراتيجيات و ملاءمتها مع اطار كونبينغ –مونريال العالمي للتنوع البيولوجي و الاهداف الاخرى للاتفاقيات البيئية الدولية.
و يرتكز هذا المشروع العالمي على أربعة مكونات تتعلق بمراجعة الاستراتيجيات و خطط العمل الوطنية للتنوع البيولوجي و تقييم المنظومات الوطنية لمتابعة و رصد التنوع البيولوجي وفق ما ورد في بطاقة المشروع، فضلا عن الهدف في مقاومة التصحر و الجفاف .
و قد أكدت السيدة ليلى الشيخاوي وزيرة البيئة ان أسس الانتقال الايكولوجي ترتكز اساسا على تظافر المجهودات بين وزارات البيئة و الاقتصاد و التجارة من اجل تسريع ال53 اجراء في افق 2035-2050 في مختلف محاورها.
و من جهتها اشارت وزيرة الاقتصاد و التخطيط فريال الورغي إلى ان الانتقال الايكولوجي يعد من ابرز تحديات المرحلة المقبلة خاصة في ظل التغيرات المناخية و ما تسببه من اضطرابات على التوازنات البيئية و الايكولوجية و استدامة الموارد الطبيعية مما يؤثر بصفة مباشرة على التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، وعلى هذا الاساس أفردت وزارة الاقتصاد الاقتصاد الازرق و الاقتصاد الاخضر و الدائري بباب خاص في الرؤية الاستراتيجية في افق 2035، فضلا عن ايلاء المجالات البيئية اهتماما و اولوية في المخططات المستقبلية و الحد من التلوث و الحفاظ على الموارد الطبيعية و مقاومة التصحر و حماية السواحل و ترسيخ الثقافة البيئية و تشجيع الانتاج و الاستهلاك المستدام.
* تركيز قواعد الاقتصاد الدائري
في اطار التأقلم مع التغيرات المناخية و قدرة القطاعات و الاوساط على الصمود امام الكوارث الطبيعية و التقليص من حدة الكربون من اجل تحقيق الحياد الكربوني في افق 2050 مع ضمان التصرف الرشيد في الموارد الطبيعية و حماية و استصلاح المنظومات الايكولوجية البرية و البحرية و المواقع الملوثة، جاء تركيز برنامج الاقتصاد الدائري في مجالات الاستهلاك و الانتاج في مختلف القطاعات الاقتصادية، فضلا عن تنمية الثقافة البيئية و كافة الموارد البشرية في مجال حماية البيئة و التنمية، و الحد من تاثيرات التغيرات المناخية و تعميمها على مختلف القطاعات.
و يمثل الاقتصاد الدائري مدخلا هاما لتحقيق التنمية المستدامة و تلبية احتياجات الاجيال الحاضرة و المستقبلية، و يساهم بشكل كبير في الحد من التأثيرات السلبية على البيئة باعتباره ذو انبعاث كربوني ضعيف قائم على الاستخدام الناجح للموارد من خلال عدة مسارات اهمها التصرف المستديم في النفايات القائم على الشراكة بين القطاعين العام و الخاص.
و ابرز السيد نبيل حمدي مهندس عام بوزارة البيئة انه من الضروري انجاز منصة رقمية للنهوض بالاقتصاد الدائري من اجل التفاعل و تقديم المعلومة و تسهيل بعث المؤسسات و ربط الصلة مع الممولين و مراكز البحث العلمي بين القطاعين العام و الخاص، مع مزيد نشر الوعي و التثقيف لدى المستهلك و المنتج.
و اكدت وزيرة البيئة في هذا الاطار ان هدف وزارة البيئة بلوغ صفر نفايات في افق 2050.
*مشاريع صديقة للبيئة
تعد استراتيجية الانتقال الايكولوجي مجالا لدعم المشاريع الصديقة للبيئة حيث يتمتع اصحابها بامتيازات جبائية و تسهيلات تفاضلية مع مساندة البلديات و الجماعات المحلية من اجل احداث مشاريع تهدف الى حماية البيئة كالمناطق خضراء.
و تتضمن استراتيجية الانتقال الايكولوجي مجموعة من الخطط و السياسات التي تهدف الى تحقيق التنمية المستدامة و حماية البيئة من خلال تعزيز الاقتصاد الاخضر و تشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة و تعزيز التوعية البيئية و الابتكار التكنولوجي لتقليل الاثار السلبية على البيئة و تحسبن جودة الحياة و توفير بيئة سليمة.
كما تتضمن هذه الاستراتيجية تحسين كفاءة استعمال الموارد و تنمية الثقافة البيئية و العلوم، و القضاء على النقاط الساخنة للتلوث، الى جانب حماية المياه الصالحة للشراب و الري و مكافحة التلوث البحري، وهو ما يؤثر بصفة مباشرة على التنمية الاقتصادية و الاجتماعية.
يعد الانتقال الايكولوجي امرا ملحا اليوم في مواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ و نضوب الموارد الطبيعية من خلال سن السياسات و التشريعات التي تفعل الانتقال الايكولوجي على الصعيدين الوطني و الدولي، و ذلك وسط اهمية دور الفرد و المجتمع الذي يمكن ان يلعبانه في دعم الانتقال الايكولوجي من خلال التغيير السلوكي و الاختيارات الاستهلاكية مع تشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة و اعادة الرسكلة في الصناعة و المشاريع الفلاحية و السياحية بالأساس.
نجلاء العوني