حنان العبيدي
تستعد مدينة دوز لاحتضان الدورة السابعة والخمسين من مهرجان الدولي للصحراء، هذا الحدث الثقافي العريق الذي تحوّل عبر عقود إلى إحدى أهم التظاهرات التراثية والسياحية في تونس والمنطقة. وبين الوفاء لجذور الموروث الصحراوي والبحث عن آفاق جديدة للتجديد، تكشف هذه الدورة عن برنامج ثري ومتنوع يهدف إلى تعزيز الإشعاع الثقافي والفني والسياحي للجهة. غير أنّ هذا الزخم يقابله تحدٍّ كبير يتمثل في مسألة التمويل، وهو ما دفع مدير المهرجان إلى توجيه نداء واضح للحكومة قصد توفير الدعم اللازم لضمان نجاح نسخة تتطلع إليها دوز والجمهور على حد سواء.
ميزانية غير كافية وتأخير في صرف المنح
وفي حديثه عن الإشكالية الرئيسية التي تُقلق الهيئة المديرة للمهرجان، أكد أشرف بن عثمان، مدير مهرجان دوز الدولي، في تصريح لـ “L’expert”، أنّ الميزانية ما تزال أكبر عائق أمام تنفيذ برنامج الدورة الحالية بالوجه الذي يليق بتاريخ المهرجان وعمقه الثقافي. وأوضح أنّ النداء الذي توجّه به سابقاً لكلّ من وزارة الثقافة ووزارة السياحة ما يزال قائماً، خاصة أنّ برنامج هذه الدورة “ثري ومتميز ويتطلّب دعماً إضافياً”.
وأشار إلى أنّ المنحة المتخلدة لدى وزارة السياحة للسنة الفارطة لم تصرف بعد، مؤكداً أن ملف المهرجان جاهز لديها منذ شهر جوان 2025، وكان من المفترض مناقشة تفاصيل الميزانية الجديدة حينها. وأضاف: “رغم اجتماعنا بوزير السياحة وطاقمه يوم 7 ديسمبر، ومنذ ذلك الحين لم نتلقَّ أيّ رد”.
دعم محدود لا يواكب حجم المهرجان
وشدّد على أنّ هذا التأخير غير مبرّر، خصوصاً وأن الوزارة تطالب بالتجديد في فقرات المهرجان، معتبراً أنّ “التجديد يحتاج مرافقته بحدّ أدنى من الدعم المالي”، داعياً إلى صرف المنحة المتخلدة وصرف 50% على الأقل من منحة السنة الجديدة حتى تتمكن الهيئة من الإيفاء بالتزاماتها.
وبخصوص وزارة الثقافة، أوضح مدير المهرجان أنّ الاعتماد المرصود لا يتجاوز 100 ألف دينار، وهو مبلغ اعتبره “ضعيفاً جداً”، إذ لا يغطي حتى 50% من كلفة “ساحة حنيش” وحدها، في حين يضم المهرجان عشرات الفقرات والعروض التنشيطية التي تستقطب آلاف المشاركين.
وكشف أيضاً أن عدد العاملين في المهرجان يتجاوز الألف شخص بشكل مباشر، فيما ينتفع به بشكل غير مباشر ما يفوق عشرة آلاف شخص من سكان الجهة، ما يجعل المهرجان رافعة اقتصادية حقيقية للمنطقة.
حاجة فعلية لميزانية تليق بدورة عمرها 57 سنة
وبيّن مدير المهرجان أن مشروع الميزانية الكامل يقدّر بـ 800 ألف دينار، غير أنّ ما رُصد خلال السنوات الأخيرة لم يتجاوز 500 ألف دينار أو أقل بقليل، مما يضطر الهيئة إلى حذف فقرات وإلغاء عروض بسبب غياب التمويل الكافي. وقال: “مهرجان دولي عمره 57 سنة لا يمكن أن يُدار بالارتجال… لا نريد تقديم عروض في ظروف غير لائقة بضيوفنا ومشاركي المهرجان”.
وختم بالتأكيد على أنّ الهيئة تبذل كل جهدها للحفاظ على مستوى المهرجان وسمعته الدولية، لكن “التطوير الحقيقي لن يتحقق دون ميزانية تليق بحجم الحدث”.





