حنان العبيدي
لم يكن تتويج فيلم “وين ياخدنا الريح” للمخرجة آمال القلّاتي بجائزة أفضل فيلم عربي روائي في مهرجان الجونة السينمائي حدثًا عابرًا، بل هو حلقة جديدة في سلسلة نجاحات المخرجات التونسيات اللاتي رسّخن حضورهن القوي في المشهد السينمائي العربي والدولي خلال السنوات الأخيرة.
فمن آمال القلّاتي إلى كوثر بن هنية، هند بوجمعة، مفيدة التلاتلي، إيمان بن حسين وغيرهن، أصبحت المرأة التونسية اسماً ثابتاً في قوائم المهرجانات العالمية، قادرة على منافسة كبار المخرجين الرجال وإثبات أن الإبداع لا يعرف جنساً ولا حدوداً.
من المحلية إلى العالمية: بصمة أنثوية في السينما التونسية
منذ سنوات، شهدت السينما التونسية طفرة نوعية في حضور المخرجات. وقد برزت هذه الأسماء ليس فقط في تناول قضايا المرأة، بل أيضاً في معالجة مواضيع إنسانية واجتماعية وسياسية بعمقٍ وجمالية بصرية راقية.
فكوثر بن هنية مثلاً، قادت السينما التونسية إلى الأوسكار بفيلمي «على كف عفريت» و«الرجل الذي باع ظهره»، بينما قدّمت هند بوجمعة رؤية إنسانية جريئة في «نورة تحلم»، وجسّدت مفيدة التلاتلي برؤيتها التاريخية في «صمت القصور» لحظة ميلاد الوعي النسوي في السينما المغاربية.
أما الجيل الجديد، ومنه آمال القلّاتي، فيواصل هذه المسيرة بجرأة أكبر في الطرح وتنوّع في الأساليب، ما يعكس تحوّل السينما التونسية إلى مساحة حرة تُعبّر فيها المرأة عن ذاتها وعن واقعها دون قيود.
المرأة كمنافس حقيقي في صناعة الصورة
لم تعد المخرجة التونسية استثناءً في مشهد يهيمن عليه الرجال، بل أصبحت ندّاً حقيقياً في مختلف مراحل الإنتاج السينمائي، من الكتابة إلى الإخراج والتوزيع.
تتمتّع هذه المخرجات بقدرة على المزج بين الحسّ الإنساني والصرامة التقنية، مما جعل أعمالهن تلقى صدى نقديًا وجماهيريًا واسعًا.
سينما نسائية أم سينما تونسية؟
قد يرى البعض أن ما يُقدَّم اليوم هو “سينما نسائية”، لكنّ الواقع يُثبت أن المخرجات التونسيات تجاوزن هذه التسمية الضيقة. فهن لا يصنعن سينما عن المرأة فقط، بل عن الإنسان والمجتمع والحرية.
لقد تحوّل حضور المرأة خلف الكاميرا إلى قوة فنية وفكرية غيّرت وجه السينما التونسية وأعادت رسم صورتها في الخارج.
ريحٌ تحمل الأمل والإبداع
نجاح فيلم «وين ياخدنا الريح» ليس إلا دليلاً جديداً على أن الريح التي تهب من تونس تحمل معها إبداعاً نسائياً متجدّداً، يقود السينما الوطنية نحو آفاق أوسع.
المرأة التونسية اليوم لا تكتفي بالتمثيل أمام الكاميرا، بل صارت تكتب وتوجّه وتنتج وتُبدع… لتؤكد أن السينما في تونس، لم تعد حكراً على أحد، بل أصبحت لغة حرّة تعبّر بها المرأة عن العالم كما تراه هي.





