أعلن الترجي الرياضي التونسي، يوم الخميس 14 أوت 2025، عن تعيين الجزائري – الفرنسي يزيد المنصوري مديرًا رياضيًا جديدًا للفريق، في خطوة وُصفت بالجريئة بالنظر إلى قيمة السيرة الذاتية للرجل وتجربته الثرية. المنصوري، الذي بدأ مسيرته كلاعب محترف سنة 1997 مع نادي لوهافر الفرنسي، جاب ملاعب أوروبا والعالم العربي على امتداد أكثر من 15 سنة. لعب لكوفنتري سيتي الإنجليزي، شاتورو ولوريون الفرنسيين، إضافة إلى تجارب مع السيلية القطري وشباب قسنطينة الجزائري. أما على الصعيد الدولي، فقد حمل قميص المنتخب الجزائري في 70 مباراة دولية وكان قائداً للخضر طيلة سبع سنوات، ما أكسبه صلابة شخصية وخبرة قيادية. بعد اعتزاله اللعب سنة 2013، انطلق المنصوري في مسيرة إدارية لا تقل ثراءً، متنقلاً بين كبرى الأندية الأوروبية: ستاد رين الفرنسي، أولمبياكوس اليوناني، نوتنغهام فورست الإنجليزي، وأخيرًا نادي مونزا الإيطالي، حيث أشرف على الانتدابات واكتشاف المواهب. كما شغل منصبًا مهمًا في الاتحاد الجزائري لكرة القدم، بصفته مشرفًا عامًا على المنتخبات وعضوًا في المكتب الفيدرالي. اليوم، يجد المنصوري نفسه أمام تحدٍّ جديد في تونس، حيث يراهن الترجي على خبرته الواسعة لإعادة ترتيب البيت الرياضي وتحقيق نقلة نوعية في إدارة الملفات الفنية. أي مصير ينتظر التجربة الجديدة؟ لكن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: هل سيُترك الرجل يعمل؟ الترجي ليس مجرد نادٍ عادي، بل مؤسسة كروية تعيش على وقع ضغط جماهيري رهيب، وإعلام لا يرحم، وصراعات داخلية لا تخفى على أحد. فمن جهة هناك “المكشخية” أنفسهم، بجزء من محيطهم الرياضي الذي كثيرًا ما يُتهم بوضع العصا في العجلة، ومن جهة أخرى خصوم النادي الذين يتربصون بأي خطوة ليضربوا استقرار الفريق. يزيد المنصوري، بما يحمله من خبرة أوروبية وعربية، يُعتبر أخيرًا سندًا رياضيًا كفؤًا للنادي العريق. لكن هل سيصمد في وجه التيارات المعادية؟ وهل سيتحمل الضغط أيامًا أو أشهرًا، أم أن المشوار سيطول ليُسجَّل له نجاح تاريخي في إعادة هيكلة الإدارة الرياضية للترجي؟ المرحلة المقبلة ستكشف عن مدى قدرة المنصوري على التكيّف مع “خصوصية” المحيط الرياضي التونسي، حيث لا تكفي السيرة الذاتية المرموقة وحدها، بل تُختبر الإرادة والصلابة والقدرة على المناورة وسط العواصف. فهل ينجح الرجل في كسب ثقة الجميع ويفرض مشروعه، أم أن الصراعات الداخلية ستختصر رحلته قبل أن تبدأ؟
صراع المصالح و”صماصرة السوء” لا يمكن الحديث عن التحديات دون التطرق إلى ملف شائك طالما أثار الجدل في كواليس الترجي: ملف الانتدابات والصفقات. هنا، تظهر مصالح خفية تتحكم فيها أطراف وُصفت بـ”صماصرة السوء”، بعضهم قريب جدًا من دوائر القرار، بل ومن محيط رئيس النادي حمدي المدّب. هؤلاء يصولون ويجولون بحرية منذ سنوات في سوق اللاعبين، بين بيع وشراء، انتدابات واختبارات، وحتى “تريصات” غامضة تُثار حولها أكثر من علامة استفهام. اليوم، مع قدوم المنصوري، الرجل المعروف بنزاهته وانضباطه وحرصه على الشفافية، ستتضرر بلا شك مصالح هذه الأطراف. فهل سيتحمّلون وجوده على رأس الإدارة الرياضية وهو يقطع الطريق على المكاسب السهلة؟ أم سيعملون على إفشاله ودفعه إلى مغادرة المنصب كما حصل مع غيره؟ السؤال الجوهري: هل سيصمد المنصوري أمام هذه المصالح المتشابكة، ويضع حدًا لهيمنة الصماصرة، أم أنّه سيلتحق بركب المنسحبين الذين لم يتمكنوا من مقاومة “لوبي” الصفقات داخل الترجي؟
حنان العبيدي