توقّع محافظ بنك الشعب الصيني، بان غونغ شنغ، أن يشهد العالم خلال السنوات القادمة ظهور نظام نقدي دولي جديد متعدد الأقطاب، مؤكدًا أن عملة الرنمينبي (اليوان) ستلعب دورًا بارزًا في هذا التحول الذي يأتي بعد عقود من هيمنة الدولار الأميركي.
وفي كلمته خلال المنتدى المالي الصيني في شنغهاي، قال بان إن “الاعتماد المفرط على عملة واحدة يُعرض النظام المالي العالمي لمخاطر متعددة”، معتبرًا أن “التطور الطبيعي هو انتقال النظام نحو تعددية في العملات السيادية، تتعايش وتتوازن وتتنافس في آن واحد”.
وأشار المسؤول الصيني إلى أن أهم التطورات النقدية في العقدين الماضيين شملت تعزيز اليورو وصعود الرنمينبي منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008، لافتًا إلى أن اليوان أصبح ثاني أكبر عملة في تمويل التجارة وثالث أكبر عملة دفع عالميًا.
لقاء مع لاغارد… وخيارات بديلة للدولار
تصريحات بان جاءت بعد يوم من تصريحات مماثلة لرئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، شككت فيها بمستقبل الهيمنة الأميركية، مؤكدة أن “الدور المهيمن للدولار لم يعد مضمونًا”، ما يفتح الباب أمام صعود عملات أخرى.
وقد التقى بان ولاغارد الأسبوع الماضي في بكين، حيث وقّعا مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون بين البنوك المركزية وتطوير حوار مالي مستدام.
كما لفت بان إلى مناقشات تدور حول زيادة استخدام حقوق السحب الخاصة (SDRs) التي يديرها صندوق النقد الدولي، كبديل ممكن لتجاوز الإشكالات التي تفرضها سيطرة عملة واحدة على النظام الدولي.
جهود صينية لتعزيز مكانة الرنمينبي
في السياق ذاته، أعلنت السلطات الصينية اليوم عن عدة خطوات جديدة لتعزيز تدويل الرنمينبي، أبرزها:
-
إنشاء مركز عمليات دولي للرنمينبي الرقمي في شنغهاي.
-
انضمام 6 مؤسسات مالية أجنبية إلى نظام الدفع بين البنوك عبر الحدود (CIPS)، وهو البديل الصيني لنظام “سويفت”.
-
توقيع اتفاق تعاون بين سلطات هونغ كونغ وشنغهاي لتوسيع إدارة الأصول المقومة بالرنمينبي.
-
إعلان رسمي عن توسيع برنامج المستثمر المؤسسي المحلي المؤهل (QDII)، بما يسمح للمستثمرين الصينيين بالوصول إلى أصول خارجية.
خلفية التوترات الاقتصادية
تأتي هذه التحركات وسط توتر في العلاقات التجارية بين بكين وواشنطن، خاصة بعد قرارات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بإعادة فرض رسوم جمركية على واردات صينية، ما أعاد إشعال الجدل حول سلاحية الدولار واستخدامه في النزاعات الجيوسياسية.
وحذّر بان من أن “العملة الدولية المهيمنة قد تُستخدم كأداة في الصراعات، وهو ما يؤكد الحاجة لإعادة تشكيل النظام النقدي العالمي على أسس أكثر توازناً”.