في تصريح مثير أدلى به لإذاعة “جوهرة أف أم”، أطلق الخبير في المجال الجبائي لسعد الذوادي صيحة فزع حول ما اعتبره “فسادًا ممنهجًا ومسكوتًا عنه” في منظومة التوريد والرقابة، مركزًا في حديثه على ملف شركة اللحوم وما تعانيه من تهميش وإغراق مالي ممنهج.
وأكد الذوادي أن “قانون 2005 المتعلق بمكافحة التهريب لم يتم تنقيحه منذ صدوره، رغم ما يتضمنه من عقوبات زاهدة تشجع عمليًا على الجريمة”، مستغربًا غياب أي مبادرة تشريعية لمعالجة هذا الخلل، وموضحًا أن القوانين الحالية “تشجع على الإفلات من العقاب”.
وأشار إلى أن “مافيات التهريب تستغل هذا الغياب التشريعي لتغذية شبكة مصالح تتحرك في الخفاء، وتستنزف المالية العمومية دون محاسبة”، مستنكرًا كذلك غياب تطبيق المناشير المشتركة، مثل المنشور بين وزارتي الفلاحة والداخلية المتعلق بترقيم وسائل النقل، قائلاً: “كيف يُسمح بمرور أبقار غير مرقمة دون توقيفها؟ وأين الرقابة؟”.
وحول ملف شركة اللحوم، كشف الذوادي عن فضيحة مالية تعود إلى سنة 2014، حين تم تحميل الشركة قرضًا بقيمة 43 مليار دينار لتمويل صفقة استيراد “العلوش الروماني”، وهي صفقة تحوم حولها شبهات فساد لا تزال تراوح مكانها في القطب القضائي الاقتصادي والمالي منذ سنة 2015.
وقال الذوادي: “الفوائد وحدها تُكلف الشركة 5 مليارات سنويًا لصالح البنك الوطني الفلاحي، في حين تُطلب منها اليوم صيانة بنية تحتية تعود إلى سنة 1971، دون توفير تمويلات أو موارد بشرية كافية”.
وأشاد في المقابل بالمدير العام السابق طارق بن جازية الذي حاول إعادة التوازن للشركة وتحقيق الحد الأدنى من الاستدامة، مذكّرًا بأنه “نبه منذ ديسمبر 2024 إلى ما سيحدث في عيد الأضحى 2025، من اختلالات وتجاوزات في السوق”، قبل أن يتم إعفاؤه بشكل مفاجئ يوم 29 أفريل الماضي، في ما اعتبره الذوادي “عقابًا لمن يحاول الإصلاح”.
وختم مداخلته برسالة موجهة مباشرة إلى رئيس الجمهورية، مطالبًا بإطلاق “ثورة تشريعية حقيقية” تشمل إصلاح القوانين والمؤسسات، وتشكيل لجنة قيادة تشريعية تابعة لرئاسة الحكومة تتولى مراجعة المنظومة القانونية المتقادمة التي “مازالت تحكمنا بأوامر تعود إلى سنة 1881″، حسب تعبيره.
حنان العبيدي