كشمير.. بؤرة التوتر الدائمة بين الهند وباكستان تعود للاشتعال

تتجدد التوترات بين الهند وباكستان بعد الهجوم الدامي الذي وقع مؤخرًا قرب بلدة باهالغام، في منطقة وادي بيساران السياحية التابعة للجزء الهندي من إقليم كشمير. ورغم أن الاشتباك لم يكن الأول من نوعه، إلا أن حدّته وردود الفعل المتبادلة أثارت مخاوف حقيقية من عودة التصعيد العسكري بين الجارتين النوويتين.

تصعيد دبلوماسي وإجراءات متبادلة
عقب الهجوم، لوّحت إسلام آباد بإمكانية القيام بـ”عمل حربي”، فيما ردت نيودلهي بإغلاق مجالها الجوي ووقف المبادلات التجارية مع باكستان، إضافة إلى تعليق العمل بعدة اتفاقيات كانت تنظم العلاقات بين البلدين. كما أعلنت العاصمتان طردًا متبادلًا لمواطني كل طرف في تصعيد دبلوماسي خطير يُنذر بمزيد من التدهور.

نزاع تاريخي… وجذور متشابكة منذ 1947
بدأ النزاع حول كشمير منذ تقسيم المستعمرة البريطانية “الهند” عام 1947، حين قرر حاكم الإقليم الهندوسي هاري سينغ الانضمام إلى الهند، رغم الأغلبية المسلمة التي كانت تميل إلى الانضمام إلى باكستان. وقد رفضت الهند اتفاقًا مقترحًا بالإبقاء على الوضع القائم، ما أدى إلى اندلاع أول حرب كشميرية، انتهت بسيطرة الهند على نحو ثلثي مساحة الإقليم.

استفتاء غائب رغم قرارات الأمم المتحدة
في عام 1948، تدخلت الأمم المتحدة عبر قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار وتنظيم استفتاء لتقرير المصير. إلا أن هذا الاستفتاء لم يُنفذ حتى اليوم، ما أبقى الإقليم في حالة جمود سياسي وصراع دائم. وخلال العقود الماضية، خاضت الهند وباكستان ثلاث حروب بسبب كشمير، فيما شهد عام 2019 تصعيدًا خطيرًا بعد تفجير انتحاري أسفر عن مقتل عشرات الجنود الهنود، اتهمت فيه نيودلهي جماعة “جيش محمد” المدعومة من باكستان.

كشمير: جغرافيا معقدة وتركيبة ديمغرافية حساسة
تقع كشمير في منطقة استراتيجية محاطة بـالهند من الجنوب الشرقي، باكستان من الشمال الغربي، والصين من الشمال الشرقي، وتبلغ مساحتها نحو 242 ألف كيلومتر مربع، ويقطنها أكثر من 15 مليون نسمة. وتُعد منطقة جنوب جبال الهملايا الغربية من أبرز معالمها الجغرافية.

وتشير الإحصاءات إلى أن نحو 90% من سكان كشمير مسلمون، مقابل 8% هندوس و1% بوذيون، ما يجعل من القضية الكشميرية نزاعًا دينيًا وجغرافيًا وسياسيًا في آن واحد.

نهر السند.. خط مياه و”حدود متوترة”
يمر عبر كشمير نهر السند، أحد أطول الأنهار في آسيا، والذي يشكل خطًا طبيعيًا لترسيم الحدود بين الهند وباكستان. لكنه لا يزال من أبرز العناصر الحساسة في العلاقات بين البلدين، لا سيما فيما يتعلق بتقاسم المياه وأمن المنطقة.

ختام: بؤرة مشتعلة في قلب آسيا
بين التهديدات المتبادلة والرفض التاريخي للحلول السلمية، تظل كشمير بؤرة نزاع مفتوحة في قلب آسيا، ومصدر توتر دائم بين بلدين نوويين، ما يجعلها واحدة من أخطر المناطق الجيوسياسية في العالم. وبينما يظل الحل السياسي غائبًا، تستمر معاناة السكان المحليين وسط توترات لا تعرف الاستقرار.