جريدة الخبير

قُروض بِأربعينَ سنة إِمهالاً.. حِسَابَات بالعملة الصّعبة.. و عِدّةُ أشياء أَشبَهُ بالأحلام قد تكون سَرَابًا في سَرَاب!

في سبيل إعادة النشاط و الحيوية للإقتصاد المحلي.. صادق البرلمان التونسي على قانون الإنعاش الاقتصادي، و يتكون القانون من عشرين فصلا تعلق أهمها بتخفيف العبئ الجبائي، و تسهيل الحصول على القروض المصرفية لمواجهة الأضرار الناجمة عن وباء كورونا، زد على ذلك فتح المجال لإستخدام العملة الرقمية، و إمكانية امتلاك حسابات بالعملة الصعبة.. و أيضا إمكانية شراء منزل عن طريق قرض بنكي يتم تسديده على مدة أربعين سنة بفائدة لا تتجاوز 3%…

تم تمرير القانون من خلال المصادقة عليه عن طريق البرلمان، و شكليا لا يزال في حاجة لختم رئيس الجمهورية.. هذا عدا إمكانية الدخول في مطبات المماطلة على مستوى النصوص التطبيقية، التي تختص بها الحكومة، حيث كان مصير العديد من القوانين و مشاريع القوانين أن بقيت مجرد حبر على ورق، و لم يتم إصدار نصوصها التطبيقية إلى يومنا هذا.. بل إن هذه القوانين قد نُسِيَت تماما! مثل قانون الإقتصاد الإجتماعي و التضامني و قانون التمويل الإجتماعي.. و العديد من القوانين الأخرى التي تنتظر إلى يومنا هذا صدور نصوصها التطبيقية..

من أهم بنود قانون الإنعاش الإقتصادي لدى التونسيين على الإطلاق، هو التمتع بفترة أربعين سنة امهال لكل من يحصل على قرض لشراء أول مسكن له.. هذا عدا نسبة فائدة لا تتجاوز 3%.. و هنا نتساءل: هل فعلا تقدر البنوك التونسية في هذا الوضع الحرج و الإقتصاد الوطني المنهار، على منح قروض من هذا النوع بنسبة فائدة متدنية جدا تصل لحيز الخسارة، و مدة امهال مطولة جدا…
فهل يمكن تحقيقا لهذا البند الذي يحلم به كل التونسيون و خاصة منهم فئة الشباب أن يتم بعث صندوق خاص لهذا الغرض، خاصة و أن البنوك في الوضع الحالي لن تكون قادرة على توفير التمويل اللازم لتمتيع الناس بمثل هذا القرض..
كما نتساءل عن الجهة التي ستتحمل فارق ال3%؟ و نتساءل أيضا عن كيفية توفير البنوك للأموال التي سَتُوَجّه لمنح هذه القروض الميسرة جدا؟ علما و أن الأمر إذا سار على هذا النحو فإن البنوك تقريبا لن تجني شيئا يذكر!

و بالتالي ستكون للنصوص التطبيقية كلمة الفصل النهائية، حيث سيتم من خلالها توضيح كل الغموض، هذا بطبيعة الحال إن كانت هناك نصوص تطبيقية بصدد الخروج و إتمام هذا القانون.
نرجو من أبناء هذا الشعب الكريم أن لا يتفاءلوا كثيرا، فالمسألة لا تزال في البداية و لا شيء منها ملموس.. و بالتالي قد يكون الفرح في هذا المستوى شيئا مؤلما، لأننا لا نزال في انتظار سراب قد لا يتحقق منه شيء يذكر.

هذا و تم تقديم طعن في هذا القانون من قبل الكتلة الديمقراطية اليوم 19 جويلية 2021، و قد اعتبرت الكتلة قانون الإنعاش الإقتصادي تشريعا لتبييض الأموال من قبل الحكومة ومخالفة واضحة للدستور.

لا يزال القانون في طور المجهول فقد يصبح ساري المفعول عن طريق إلحاقه بالنصوص التطبيقية اللازمة، و قد يبقى حبيس الحبر و الورق.. لذلك آثرنا فتح عيون التونسيين على حقيقة هذا الأمر، حتى لا تكون صدمتهم كبيرة فيما بعد، خاصة و اننا شهدنا عقما كبيرا و مزمنا على مستوى إصدار القوانين التطبيقية، حيث أصبح هذا الأمر من أكبر مشاكلنا، فالقوانين موجودة و لكن التطبيق غائب و مغيب.

عبد اللطيف بن هدية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *