جريدة الخبير

أمين محفوظ : من المستحيل دستوريا إجراء الإنتخابات البرلمانية قبل الإنتخابات الرئاسية

قال أستاذ القانون الدستوري،أمين محفوظ إنه من المستحيل إجراء الانتخابات البرلمانية قبل الانتخابات الرئاسية،كما انتقد مشروع القانون الانتخابي المطروح على المجلس الوطني التأسيسي،داعيا إلى أن يكون  القانون الإنتخابي القادم قانونا مدروسا نظرا لأهمية المرحلة القادمة في تاريخ تونس،وفق تعبيره.

 1-تمت أخيرا المصادقة على الدستور الجديد لتونس بين متفائل به وناقد لبعض الفصول التي تضمنها.إلى أي مدى يمكن أن يعكس هذا الدستور طموحات وأهداف الثورة؟

السؤال الذي يطرح قبل كل شيء ما هي أهداف الثورة؟ يعود طرح هذا السؤال إلى الضّبابية حول ماهية هذه الأهداف. إذ تجد من يعتبر أن الهدف هو النهوض بالبلاد على كل المستويات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية. ولا يمكن أن يتمّ ذلك إلا في إطار دولة القانون والمؤسسات. في حين يرى شقّ آخر أن الأهداف هي استرجاع الهوية العربية الإسلامية. ولكن في نهاية الأمر نرى أن نصّ الدستور حاول التوفيق بين هذه الأهداف. وقد انتهت المقابلة في نهاية الأمر بالتعادل. ولكن العبرة في آخر المطاف بمن سوف يقدّم قراءة رسمية لنصّ الدّستور. لذا سوف تكون مقابلة كل من القضاء و الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين ولكن خاصة المحكمة الدستورية أهمّ من مقابلة الدستور.

2-ما رأيك في مشروع القانون الانتخابي المطروح حاليا على المجلس الوطني التأسيسي؟

ولئن كانت الخطيئة الكبرى بالنسبة للدستور تتمثل في الإنطلاق ممّا سمّي بورقة بيضاء، فإنه بالنسبة للقانون الإنتخابي بدأ العمل من خلال الإنطلاق من مشروع أعدّه بعض الأطراف قي المجتمع المدني. ويعد ذلك أمرا إيجابيا. ولكن كان بالإمكان إعطاء القانون الإنتخابي الأهمية التي يستحقها منذ مدة حتى يتسنى لكل الأطراف الفاعلة احترام السقف الزمني لإجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية والمحدد في الاحكام الإنتقالية لدستور 27/01/2014. ولكن مع ذلك فإني أدعو الأحزاب السياسية إلى التّريث لأن مسألة الإنتخابات القادمة لا بجب تناولها بسرعة أو ببساطة. يجب أن بكون القانون الإنتخابي القادم قانونا مدروسا نظرا لأهمية المرحلة القادمة في تاريخ تونس. إن الإنتخابات الحرّة والنزيهة والشفافة تتطلب أخذ العديد من الإحتياطات لتستحق فعلا هذا العنوان.

3-كنت دائما من المنتقدين لنظام الاقتراع على القائمات لماذا؟

لا لست دائما ضدّ طريقة الإقتراع على القائمات. أرى وأن المختص فعلا في القانون الإنتخابي هو الباحث الذي يكون متشبعا بأهم المبادئ في هذا الشأن والذي تكون له دراية بالتجارب المقارنة وبخصوصية كل دولة وكل مرحلة. ومن هذا المنطلق ساندت في مرحلة انتخابات المجلس التأسيسي طريقة الإقتراع بالتمثيل النسبي على القائمة. ويعود ذلك إلى اعتقادي الراسخ أن المرحلة مرحلة وضع دستور ولا يمكن أن يكون هذا الدستور إلا نتاجا لنقاش أغلب التيارات السياسية. إن التمثيل النسبي يمنع سيطرة حزب ما داخل المجلس ليضع بمفرده الدستور. وقد أكد التاريخ صحّة هذه التوقعات. على أن الأمر يختلف بالنسبة للمرحلة القادمة. المرحلة القادمة مرحلة حكم. وهنا علينا أن نسعى لتوفير عناصر الإستقرار بالنسبة للحكم. لأن اعتماد طريقة التمثيل النسبيى مع تعقّد الوضعية الحالية للدولة تجعل هذه الأخيرة أسيرة التجاذبات السياسية. ولكم في تجربة الحكم بعد انتخابات 23/10/2011 أكبر دليل على ذلك. إذ لا يمكن لأي حكومة أن تحكم البلاد أكثر من سنة. والحال أن الأفضل أن يحكم حزب واحد البلاد مدة خمس سنوات كاملة. وبعد كل مدة نيابية يتولى الشعب إما تجديد الثقة له أو معاقبته من خلال إنتخاب حزب آخرمحلّه. ولا يمكن أن يتوفر ذلك إلا باعتماد طريقة الإقتراع على الأفراد بالأغلبية في دورتين. إن هذه الطريقة علاوة على أنها سوف تعيد للدولة هيبتها فإنها سوف تسمح بتقليص عدد الأحزاب السياسية ممّا يساهم في تبسيط المشهد الإنتخابي للناخب. أما مسالة تأثير المال السياسي على قناعة الافراد فإن المال يلعب هذا الدور مهما كانت طريقة الإقتراع المعتمدة. لهذا السّبب أرى أنه يمكن الحد من ذلك من خلال إيجاد إطار قانوني صارم. ويتجه على هذا الأساس إيلاء أولوية قصوى لمسألة التجاوزات وخاصة مسالة الجرائم الإنتخابية.

4-وماذا عن الهيئة الوقتية لمراقبة القوانين الدستورية؟

كنت قد عبرت عن اعتراضي عن وجود هذه الهيئة لأسباب عدّة أهمها أن دورها سوف يقتصر على مراقبة دستورية مشاريع القوانين فقط والحال وأن المنظومة القانونية في تونس تشكو من وجود العديد من القوانين السّارية المفعول والمخالفة للدستور. كما أن إنشاءها سوف يدخل اضطراب على الضمانات الدستورية لحماية الحقوق والحريات الاساسية باعتبار أن محرّر الأحكام الإنتقالية في الدستور سحب البساط من القضاء للقيام بدوره في مراقبة دستورية القوانين والحال وأن الأحكام الدائمة في الدستور  اعتبره المتكفل بحماية الحقوق والحريات من أي إنتهاك(الفصل49)و الضامن لعلوية الدستور (الفصل 102).

5-هل تؤيد فكرة إجراء الانتخابات الرئاسية قبل التشريعية؟

لو تمّ اعتماد طريقة الإقتراع بالأغلبية على الأفراد قي دورتين لتسنّى إجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في نفس اليوم. إذ يقتصر دور الناخب على وضع صورة مرشّحه بالنسبة للإنتخابات الرئاسية وصورة مرشّحه بالنسبة للإنتخابات البرلمانية. ونكون بذلك قد حسمنا المشاكل التي تعترض الأميّيين الذين يعدّون بالآلاف. وبالنظر إلى طبيعة السّلط والعلاقة بينها في الدستور، تضمن هذه الطريقة مبدئيا فوز حزب واحد في الإنتخابات. ويؤدي ذلك إلى وجود تجانس بين السلط مع وجود معارضة لها مكانتها الدستورية. بالمقابل لن يكون لاعتماد طريقة التمثيل النسبي بالنسبة للإنتخابات البرلمانية نفس التأثير سواء أجريت هذه الإنتخابات في نفس اليوم أو في أيام متباعدة. ولكن من المؤكد سوف يكون المشهد الإنتخابي ضبابيا سواء بالنسبة للأحزاب السياسية أو بالنسبة للناخبين. و من المستحيل دستوريا إجراء الإنتخابات البرلمانية قبل الإنتخابات الرئاسية، باعتبار اصطدام هذا الإجراء مع القانون الدستوري الإجرائي ذلك أن رئيس الجمهورية مطالب في ظرف أسبوع بعد الإعلان عن النتائج الشروع في إجراءات تشكيل الحكومة والحال وأن الرئيس لم ينتخب بعد.  وعلى العكس من ذلك يمكن إجراء الإنتخابات الرئاسية أوّلا دون خرق الدستور ذلك أن الفصل 76 من الدستور لم يفرض أجلا في خصوص أجل أداء رئيس الجمهورية لليمين الدستورية أمام مجلس نواب الشعب. إن رئيس الولايات المتحدة ينتخب بشكل غير مباشر منذ شهر نوفمبر ولكنه لا يدخل البيت الأبيض إلا في 20 جانفي.

6-بالنظر الى الصعوبات القانونية المطروحة هل يمكن اجراء انتخابات موفى سنة 2014؟

نعم. ولكن هذا يتطلب المصادقة على قانون انتخابي في مستوى طموحات الشعب وليس في مستوى طموحات الأحزاب. مع كل أسف لازالت الزّبونية هي التي تحكم أعمال المجلس التأسيسي. إذ يقع الإستئناس سواء “بخبراء” أجانب، يبحثون عن المصلحة المادّية علما وأنه ليست لهم دراية بالمشاكل التونسية أو “بخبراء” يدرّسون بكليات الحقوق بتونس العاصمة ولهم حظوة لدى الأحزاب السياسية السّياسية وبعض المنظمات والحال وأن العديد منهم لم يحرز بعد على شهادة الدكتوراه ولا يمكن بالتالي أن نعتبرهم مختصّين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *