كان السيد علي الكعلي وزير الاقتصاد و المالية و دعم الاستثمار قد وعد و صرح في برنامج “تونس هذا المساء” ضمن حلقة بُثّتْ بتاريخ 11 أفريل 2021 بأنه سيتم تغيير طريقة توزيع السجائر، و ذلك من أجل الحد من مخالفات البيع، فغالبية تجار التبغ لا ينصاعون للأسعار المحددة من قبل الحكومة، لذلك ارتأى السيد الوزير بأن تمكين المساحات الكبرى و الفضاءات متعددة الأجنحة سيكون حلا للإلتزام بتسعيرة الحكومة لمادة التبغ. و عليه ستباع السجائر في المساحات الكبرى، دون اشتراط رخصة لتعاطي هذه التجارة، مع الحرص على إلزام هذه المساحات التجارية بالحفاظ على التسعيرة الرسمية للدولة.
و من المنتظر حصد النتائج الطيبة بفضل هذه المبادرة، التي صدرت في شكل أمر حكومي عدد 204 بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية في عدده 33 بتاريخ 13 أفريل 2021. و جاء في هذا الأمر بأنه سيتم استثناء المساحات التجارية الكبرى و المغازات ذات الأجنحة المتعددة، من تطبيق أحكام الأمر عدد 1916 لسنة 1995 المتعلق برخص استغلال محلات بيع التبغ. لتتمكن بذلك هذه المساحات من بيع التبغ و منتوجات الإختصاص، وفقا لعقود تُبْرَمُ بينها و بين الوكالة الوطنية للتبغ و الوقيد و مصنع التبغ بالقيروان، و سيتم ضبط شروط البيع و الكميات التعاقدية و النقل، مع الإلتزام بأسعار البيع للعموم.
هذا و سيتم المحافظة على الحصة الممنوحة لفائدة المنتفعين برخص استغلال محلات بيع التبغ.
إن هذا الأمر يمنح الضوء الأخضر لتعاطي تجارة التبغ بالمساحات الكبرى، و هو ما سيخلق نوعا من المنافسة بين هذه المساحات و محلات بيع التبغ الكلاسيكية، و عليه يمكن لهذا المنافس الجديد الذي سيدخل سوق التبغ أن يكون حافزا للمحلات الصغرى، التي سيكون عليها الإنصياع و الخضوع لتسعيرة الدولة و عدم مخالفتها. و لكن رغم تقييد المساحات الكبرى بعقود و كميات معلومة من التبغ، فإنها ستكون مزاحمة للمحلات الصغرى التي تبيع نفس هذه المادة، و مثل هذه المنافسة قد تتسبب بضرر كبير لأصحاب المحلات، التي تعتمد أساسا على تجارة التبغ كمصدر للدخل و الربح. ذلك أن المساحات الكبرى أصبحت قبلة تقصدها كل فئات الشعب من أجل التزود بالمواد الغذائية، أو شراء الأجهزة الإلكترونية و المنزلية و غيرها من المواد المختلفة و المتوفرة بهذه المغازات… و كون المواد التبغية ستصبح هي الأخرى متوفرة بهذه المغازات، فإن شرائها سيصبح جزءا من عملية التبضع اليومية، و بالتالي لن يصبح هناك إقبال كبير على ابتياع السجائر من المحلات المخصصة لذلك، لتتقلص مردودية بيع التبغ بهذه المحلات، و ربما تصبح مهددة بالإفلاس في القريب العاجل، و مثل هذا الأمر يمكن أن يتسبب في رفع سقف البطالة، و الإقتراب أكثر من خط الفقر و العوز…
بلال بوعلي