منذ تأسيسه سنة 1948، ظلّ الملعب التونسي واحداً من أكثر الأندية تأثيراً في المشهد الكروي التونسي. بفضل ألقابه الستة في كأس تونس وتتويجه الإفريقي سنة 1990 بكأس الكؤوس، رسّخ الفريق موقعه ضمن نخبة الكرة الوطنية. غير أن العقد الأخير كان مليئاً بالتقلبات: من هبوط مؤلم إلى الرابطة الثانية إلى عودة قوية أعادت النادي إلى واجهة الأحداث.
إرث رياضي وتاريخي
على مدار سبعة عقود، عُرف الملعب التونسي كـ “مدرسة الباردو”، حيث أفرز عشرات اللاعبين الذين صنعوا مجد المنتخب الوطني وأندية كبرى. من بين هؤلاء: الهادي البياري، شكري الخطوي، كريم حقي وغيرهم ممن أصبحوا أيقونات كروية.
هذا الرصيد التاريخي منح النادي جماهيرية خاصة وهوية راسخة، رغم أنه لم يُتوَّج بالبطولة الوطنية منذ تأسيسه، عكس منافسيه الكبار.
عقد من الأزمات والانتكاسات
منذ 2015، واجه الملعب التونسي مشاكل مالية وإدارية خانقة.
• 2015/2016: هبوط تاريخي إلى الرابطة الثانية، وهو ما شكّل صدمة لجماهير الباردو.
• 2016/2017: عودة سريعة للرابطة الأولى، بفضل التفاف أبناء النادي.
• 2018/2019: نتائج متذبذبة جعلت الفريق بعيداً عن المراتب القارية.
• 2020/2021: النادي ينجو من النزول في الجولات الأخيرة وسط غياب الاستقرار الإداري.
هذه الفترة أبرزت هشاشة البنية المالية للنادي، واعتماده على دعم ظرفي من رجال أعمال دون إستراتيجية بعيدة المدى.
الإصلاح والعودة إلى الجذور
مع عودة جلال بن عيسى إلى الرئاسة، انطلقت مرحلة جديدة:
1. ترميم البنية التحتية: تحديث مركز التكوين بالباردو.
2. تركيز على الشبان: النادي أصبح من أكثر الأندية تصديراً للمواهب إلى أندية تونسية وأوروبية.
3. انضباط مالي: الابتعاد عن الانتدابات المكلفة، والاكتفاء بلاعبين من البطولة المحلية أو شبان أكاديمية النادي.
ميزانية محدودة ولكن ناجعة
• ميزانية الملعب التونسي تتراوح بين 8 و10 ملايين دينار سنوياً.
• بالمقارنة، ميزانية الترجي الرياضي تتجاوز 50 مليون دينار، بينما تصل ميزانية الاتحاد المنستيري إلى حوالي 15 مليون دينار.
• رغم هذا الفارق، تمكن الملعب التونسي من التموقع ضمن الخمسة الأوائل موسم 2024/2025.
اختيارات رياضية ناجحة
• استقرار فني: الاعتماد على مدربين من أبناء النادي مثل شكري الخطوي أو خالد بن يحيى في فترات مختلفة.
• تسويق اللاعبين: بيع مواهب شابة لأندية أوروبية، ما يدرّ أرباحاً تساهم في موازنة الحسابات.
• هوية محلية: بقاء الفريق مرتبطاً بجماهير الباردو، وهو ما يخلق دعماً معنوياً ومالياً مستقراً.
مقارنة مع أندية كبرى
• الترجي الرياضي: نموذج الهيمنة المالية.
• النادي الإفريقي: يعيش في دوامة ديون تقارب 20 مليون دينار.
• النجم الساحلي: يعاني من عدم استقرار إداري رغم جماهيريته.
• الاتحاد المنستيري: نموذج للحكمة والصرامة المالية.
أما الملعب التونسي، فهو يقدّم نموذجاً ثالثاً: نادي تكوين، يوازن بين محدودية موارده وأهمية منتوجه البشري.
أرقام وحقائق عن الملعب التونسي (2015 – 2025)
الموسم
الترتيب
أبرز الإنجازات
الميزانية
ملاحظات
2015/2016
نزول للرابطة 2
أزمة خانقة
5 مليون د.ت
بداية الانهيار
2016/2017
صعود للرابطة 1
انتفاضة قوية
6 مليون د.ت
بدعم من أبناء النادي
2018/2019
7
نتائج متوسطة
7 مليون د.ت
بداية سياسة التكوين
2020/2021
10
البقاء بصعوبة
8 مليون د.ت
توتر إداري
2022/2023
6
منافسة على مقعد قاري
9 مليون د.ت
بداية الاستقرار
2024/2025
5
ضمن الكبار
10 مليون د.ت
اعتماد كبير على الشبان
رؤية مستقبلية
الملعب التونسي مطالب اليوم بالانتقال من مرحلة “التثبيت” إلى مرحلة “التتويج”. لتحقيق ذلك، يجب أن يركز على:
• جلب مستثمرين استراتيجيين لتوسيع موارده المالية.
• مواصلة الاستثمار في مركز التكوين ليكون رافداً رئيسياً للمنتخب الوطني.
• تسويق أفضل لصورة النادي لجذب الرعاة، خاصة وأنه يملك قاعدة جماهيرية محترمة في العاصمة وضواحيها.
الملعب التونسي، الذي عاش عقداً من الأزمات، يبرهن اليوم أن العودة ممكنة بالاعتماد على الصرامة والتكوين والاستقرار الإداري. هو ليس فقط نادياً يبحث عن الألقاب، بل مدرسة كروية تضع مستقبل الكرة التونسية في قلب مشروعها.