حنان العبيدي
نشرت جريدة ” L’expert ” على موقعها الإلكتروني، مساء أمس، تدوينة منسوبة إلى هشام المشيشي، رئيس الحكومة التونسية الأسبق، تحت عنوان:
“La Banque Centrale de Tunisie, de l’orthodoxie en temps de pandémie, à la générosité face à l’absurde !”
التدوينة حملت نقدًا لاذعًا لسياسات الرئيس قيس سعيّد، متوقفة عند ما وصفه الكاتب بـ”تحوّل جذري في موقف الدولة من استقلالية البنك المركزي”، ومقارنة ذلك بالموقف الصارم للبنك خلال فترة حكومة المشيشي إبّان أزمة كوفيد-19.
كما حمّلت التدوينة إشارات سياسية قوية، وشبه مباشرة، تتهم النظام الحالي بـ”ترويض المؤسسات” و”إفراغها من مضمونها”، في مقابل الاحتفاء الشعبي الزائف والخطاب الشعبوي، وفق تعبير كاتب النص.
تحليل التدوينة: رسائل واضحة… ولكن هل كتبها المشيشي؟
ورغم أن محتوى التدوينة ينسجم مع توجهات سابقة أبدتها حكومة هشام المشيشي، خاصة في ما يتعلق بعلاقتها بالبنك المركزي أثناء أزمة 2020، فإن عدة ملاحظات تحيط بالنص المنشور وتثير تساؤلات جدية حول صحته ونسبته:
-
الأسلوب الأدبي الحاد والمشحون بالسخرية والعبارات الساخرة (“الصفحة المزينة بالشعارات”، “النظام الفلكلوري”، “البرلمان السيادي بتمويل ائتماني”) لا يعكس بالضرورة أسلوب هشام المشيشي المعروف بالتحفظ والتكنوقراطية، حسب شهادات عدد من المقربين منه.
-
معلومات مؤكدة تفيد بأن المشيشي يقيم حاليًا في إحدى دول الخليج، وهي دول تعتمد سياسة صارمة تمنع المقيمين من الإدلاء بتصريحات علنية أو تدوينات تمس بالشأن السياسي أو العام في بلدانهم الأصلية، تفاديًا لأي إحراج دبلوماسي أو قانوني.
-
مقربون من المشيشي رفضوا الكشف عن هوياتهم أكدوا أن أسلوب التدوينة لا يشبه نمط الكتابة المعتاد للمشيشي، ولم يسبق له أن استعمل هذا النوع من المفردات في خطاباته أو تدويناته القليلة السابقة.
بين الممكن والمستبعد: هل هي تدوينة أصلية أم منسوبة؟
يبدو أن التدوينة، سواء كانت فعلاً من إنتاج المشيشي أو مجرّد نص منسوب إليه لخدمة أجندة ما، قد حققت هدفًا واضحًا: إثارة النقاش السياسي والاقتصادي حول استقلالية البنك المركزي، وإعادة تفعيل الخطاب المعارض لما بعد 25 جويلية 2021.
غير أن السياق العام، وغياب تأكيد رسمي من صاحب الشأن، يفتح الباب على مصراعيه أمام الفرضيات، ويدعو إلى التثبّت قبل البناء على محتوى التدوينة سياسيًا أو إعلاميًا.
بين التوثيق والتهويل
في زمن المعلومة السريعة والفضاء الرقمي المفتوح، تبقى مسؤولية التثبّت من المصادر ونسب الأقوال مسألة جوهرية. فهل اختار هشام المشيشي كسر صمته من خارج تونس عبر منصات غير رسمية؟ أم أن التدوينة لا تعدو أن تكون إنتاجًا سياسويًا منسوبًا في توقيت محسوب؟
الجواب يبقى معلقًا… في انتظار موقف رسمي من صاحب العلاقة.
اضغط على الرابط التالي لقراءة التدوينة كاملة: https://lexpertjournal.net/fr/?p=138577