النقل في الدول المتقدمة هو شريان الحياة، ركيزة أساسية لضمان انتظام المواعيد، جودة العيش، وكرامة المواطن. أما في تونس، وللأسف، فقد تحوّل النقل العمومي إلى عنوان صارخ للمعاناة اليومية واللامبالاة المزمنة.
مواطنو العاصمة والضواحي، الذين يستفيقون فجرًا بحثًا عن وسيلة نقل، يعرفون جيدًا ما معنى أن تقف في محطة تفتقر لأبسط مقومات الكرامة:
لا مظلات تقي شمسًا حارقة أو مطرًا منهمرًا، لا كراسي لكبار السن وذوي الاحتياجات الخصوصية، لا نظافة ولا نظام، بل حتى وجود الحافلة أو المترو في حد ذاته أصبح احتمالًا ضعيفًا.
تواتر الحافلات والمترو: انتظار قاتل
في كثير من الأحيان، يقف المواطن لأكثر من ساعة ينتظر حافلة أو مترو، ليصل في النهاية وسيلة نقل منهكة، مكتظة، أبوابها لا تُغلق، نوافذها مكسّرة، مكابحها مريبة، وسائقيها يلهثون تحت ضغط الأعصاب والانضباط الزمني المستحيل.
هل يعقل أن تكون هذه “خدمة عمومية” في دولة تسعى للإصلاح؟ أين استراتيجية النقل الحضري؟ أين الصيانة الدورية؟ أين التخطيط لاستيعاب الطلب المتزايد؟
TGM: مشروع الأشغال الذي لا ينتهي
قطار الضاحية الشمالية (TGM)، أحد أقدم خطوط النقل في تونس، أصبح اليوم رمزًا لفشل في إدارة المشاريع. منذ أكثر من ثلاث سنوات، توقّف هذا القطار عند محطة “حلق الوادي كازينو”، بسبب أشغال يُفترض أنها وقتية على مستوى قناة الكازينو. ومنذ ذلك الحين، لا نهاية تلوح في الأفق.
إلى متى سيظل المواطن ينتظر نهاية هذا “الورشة اليتيمة”؟ كيف تقبل وزارة النقل بهذا الوضع؟ وما مصير الميزانية التي خُصصت لهذه الأشغال؟
حلول مؤقتة… تزيد الطين بلّة
صحيح أن حافلة تربط العاصمة بالمرسى ولكن من جرّبها يعرف تمامًا أنها لا تعوّض القطار:
اكتظاظ لا يُطاق
فترات سفر غير منتظمة
تأخيرات بالجملة
رحلات محدودة لا تستجيب لحاجيات المواطنين
الرسالة إلى وزارة النقل وشركة نقل تونس
السادة المسؤولين،
الوضع لم يعد يُطاق، المواطن لم يعد يحتمل. النقل العمومي ليس رفاهًا، بل حق دستوري وضرورة يومية. نحن لا نطلب المستحيل، بل فقط تطبيق الحد الأدنى من الكرامة في خدمة من المفترض أن تكون عمومية.
نرجو منكم:
1. تسريع إنهاء أشغال خط TGM وإعلام المواطنين بجدول زمني واضح.
2. إصلاح وصيانة أسطول الحافلات والمترو بصفة عاجلة.
3. إعادة تهيئة محطات الانتظار لتكون ملائمة وآمنة.
4. وضع خطة استراتيجية متكاملة للنقل العمومي تشمل تطوير البنية التحتية وتكوين الموارد البشرية.
ختامًا، لن تنهض تونس إلا بمواطنيها، ولن يشعر المواطن بكرامته إلا إذا توفرت له خدمات أساسية تليق بإنسانيته. النقل العمومي ليس فقط وسيلة تنقل، بل انعكاس لحالة عامة ومدى احترام مؤسساتها لمواطنيها.
فهل ستصلكم هذه الصرخة، أم ستُضاف إلى رفوف التجاهل المزمن؟
سامي غابة