شهدت الساحة الرياضية التونسية وخاصة في محيط النادي الإفريقي تطورات متسارعة خلال الأسبوعين الأخيرين، كان بطلها المستثمر الأمريكي الذي دخل بقوة إلى المشهد ليتحول في ظرف وجيز من داعم مالي إلى مركز القرار الفعلي داخل النادي.
فمن خلال ما تواتر من معطيات في الـ 72 ساعة الأخيرة، يتبيّن أن المستثمر لم يكتفِ بتقديم الدعم المادي، بل تولّى تنسيق تشكيل الهيئة المديرة الجديدة، بل وحتى اختيار أعضائها، قبل أن يُنصّب نفسه “رئيسًا شرفيًا” للنادي.
لكن هذا اللقب الذي يبدو في ظاهره رمزيًا، يخفي وفقًا لما تمّ تداوله دورًا قياديًا حقيقيًا، إذ تشير المعلومات إلى أنه يترأس هيئة موازية، ستتولى مهام القرار الأخير داخل النادي، حتى في الملفات الحساسة.
بين الإيجابي والسلبي:
لا يمكن إنكار أن دخول مستثمر أجنبي، وخاصة أمريكي، إلى نادٍ عريق مثل الإفريقي، يحمل في طيّاته جانبًا إيجابيًا مهمًا. فالرجل أبدى حرصًا واضحًا على إنجاح المشروع الرياضي، ووفّر موارد مالية ظلّ النادي يفتقدها لسنوات، ما قد يسمح بترميم التوازنات المالية وتدعيم الفريق بانتدابات نوعية.
لكن في المقابل، يطرح هذا التموقع السريع للمستثمر تساؤلات مشروعة حول مدى استقلالية القرار داخل النادي. فحين تُختزل كل مفاتيح اللعبة من اختيار الهيئة المديرة إلى ضبط الاستراتيجية العامة في يد طرف واحد، فإن ذلك يطرح خطر تحوّل الإفريقي من نادٍ جماهيري عريق إلى مشروع شخصي تابع لرؤية مالك خارجي.
من يملك المال… يملك القرار؟
في كرة القدم الحديثة، أصبح المال أحد أهم عناصر النجاح، بل إن بعض التجارب العالمية أثبتت أن الرعاة والممولين يمكن أن يحوّلوا مجرى تاريخ الأندية. لكن في الحالة التونسية، حيث لا تزال البنية القانونية والرقابية ضعيفة، فإن تغوّل المستثمر قد يشكل تهديدًا لهوية النادي وشفافية تسييره.
فمن يمتلك المال، يملك القرار حقيقة لا جدال فيها. والسؤال الذي يفرض نفسه اليوم على جماهير النادي الإفريقي: هل نحن أمام مشروع شراكة حقيقية تُحترم فيها المؤسسات والهياكل، أم أمام استحواذ ناعم عنوانه الاستثمار وباطنه السيطرة؟
اقتراح لافت: زوجته على رأس النادي؟
وفي تطوّر أثار تساؤلات واسعة، كشفت بعض المصادر أن المستثمر الأمريكي اقترح ترشيح زوجته لرئاسة النادي الإفريقي، مبررًا ذلك بمستواها الأكاديمي المرتفع وسنوات انتمائها الطويلة للنادي، والتي بلغت ثمانية أعوام. وقد رأى البعض في هذا الاقتراح تأكيدًا إضافيًا على رغبة المستثمر في التحكم المباشر بمفاصل القرار، حتى من خلال الواجهة الرسمية، فيما رحّب آخرون بالفكرة ما دامت تحترم القانون وتضمن الكفاءة.
لا يمكن الحكم مسبقًا على نوايا المستثمر الأمريكي، لكن من واجب كل من يعشق النادي الإفريقي أن يكون يقظًا، وأن يطالب بإرساء ضوابط واضحة تحفظ سيادة القرار داخل الفريق وتضمن توازن الأدوار. فالإفريقي ليس شركة خاصة، بل نادٍ له تاريخه وهويته وجماهيره، التي تستحق أن تكون دائمًا جزءًا من معادلة الحكم.
حنان العبيدي