في أعقاب الضربة الجوية التي شنها الجيش الإسرائيلي على أهداف داخل إيران فجر الجمعة، شهدت حركة الطيران المدني الدولي اضطرابًا واسعًا في أجواء الشرق الأوسط، وسط مخاوف متزايدة من اتساع رقعة التصعيد العسكري إلى تهديد مباشر للملاحة الجوية.
تحوّلات في المسارات الجوية
مع تصاعد التوتر، سارعت شركات الطيران العالمية إلى تغيير مسارات رحلاتها التجارية للابتعاد عن المجال الجوي لكل من إيران، العراق، إسرائيل، وسوريا. وأظهرت بيانات موقع “فلايت رادار 24” أن الطائرات التجارية بدأت تتخذ طرقًا بديلة عبر أجواء السعودية وآسيا الوسطى، ما يزيد من وقت الرحلة وتكاليف التشغيل.
ومن بين الشركات التي اتخذت إجراءات فورية:
طيران الإمارات حوّلت رحلة متجهة من مانشستر إلى دبي إلى مطار إسطنبول.
فلاي دبي علّقت رحلاتها إلى عمّان، بيروت، دمشق، إيران، وإسرائيل.
شركة “العال” الإسرائيلية أوقفت جميع رحلاتها من وإلى تل أبيب.
إغلاقات جوية متزامنة
وفي خطوة احترازية، أغلقت كل من إيران والعراق وإسرائيل مجالاتها الجوية بالكامل، فيما أعلن الأردن عن إغلاق مؤقت لمجاله الجوي “تحسبًا لأية مخاطر قد تنجم عن التصعيد العسكري”، وفق ما أعلنت هيئة تنظيم الطيران المدني الأردنية.
وأدى إغلاق مطار بن غوريون في تل أبيب، أحد أكثر المطارات نشاطًا في المنطقة، إلى شلل شبه تام في حركة الطيران داخل إسرائيل. في الوقت ذاته، أكدت وسائل إعلام رسمية إيرانية إغلاق المجال الجوي الإيراني حتى إشعار آخر، بينما ظلت وحدات الدفاع الجوي الإسرائيلية في حالة تأهب قصوى تحسبًا لضربات انتقامية إيرانية.
تداعيات خطيرة على الطيران المدني
الاضطرابات الحالية أعادت للأذهان سلسلة من الحوادث الخطيرة التي تعرّضت لها طائرات مدنية في مناطق النزاع، مثل:
إسقاط الطائرة الماليزية “MH17” فوق أوكرانيا عام 2014.
حادثة إسقاط الطائرة الأوكرانية فوق طهران عام 2020.
حوادث مماثلة في السودان وكازاخستان خلال العام الماضي.
وفي ظل تحليق صواريخ وطائرات مسيرة فوق أجواء المنطقة، حذرت شركة “أوزبري فلايت سلوشنز” المتخصصة بمخاطر الطيران، من أن استمرار النزاع قد يعرض الملاحة الجوية لمخاطر غير محسوبة، مؤكدة أن “الوضع لا يزال يتكشف ويجب على شركات الطيران توخي أقصى درجات الحذر”.
شركات الطيران تحت الضغط
تشير المعطيات إلى أن شركات الطيران ستتكبد خسائر مالية كبيرة جراء:
استهلاك وقود إضافي بسبب المسارات الطويلة.
إعادة جدولة الطواقم الجوية.
إلغاء وتعليق رحلات.
تعويض الركاب المتأثرين بالتأخير.
كما أعلنت مطارات دبي عن تأخير وإلغاء عدد من الرحلات الجوية في مطاري دبي الدولي وآل مكتوم، بسبب تأثرها بإغلاق المجالات الجوية الإيرانية والعراقية.
نحو أزمة طيران ممتدة؟
مع استمرار الضربات الإسرائيلية، واستعداد إيران لرد عسكري محتمل، تتزايد احتمالات امتداد الأزمة إلى أيام وربما أسابيع. وقال موقع “سيف إير سبيس”، المتخصص في مراقبة أجواء النزاع، إن تصاعد الهجمات “قد يخلق بيئة غير آمنة تمامًا للطيران التجاري فوق المنطقة”.
في المقابل، تتزايد الضغوط على منظمات دولية مثل المنظمة الدولية للطيران المدني (ICAO) من أجل التدخل لفرض مناطق حظر جوي فوق مناطق القتال، أو تقديم إرشادات أكثر صرامة للملاحة الجوية.
ما بدأ كضربة عسكرية إسرائيلية ضد أهداف إيرانية بات يهدد بانهيار مؤقت لشبكات الطيران المدني في الشرق الأوسط. وفي ظل انعدام الاستقرار، يجد الركاب وشركات الطيران أنفسهم في قلب أزمة دولية قد تعيد رسم خريطة الطيران التجاري بين آسيا وأوروبا، وتضع الملاحة الجوية في قلب نزاع سياسي عسكري متفجر.