تستمر التجارة العالمية للأسلحة في لعب دور أساسي في العلاقات الدولية، حيث تؤثر على توازنات القوى الجيوسياسية.
يعرض الجدول الخاص بأكبر 40 مستوردًا للأسلحة بين عامي 2019 و2023 ديناميكيات إقليمية وتغيرات مهمة في مصادر الاستيراد. بينما تزيد بعض الدول من وارداتها استجابةً للتوترات الإقليمية، تتجه دول أخرى نحو تنويع مورديها لتقليل اعتمادها على دول محددة.
* الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم
تظل الهند أكبر مستورد للأسلحة في العالم، حيث تمثل 9.8% من إجمالي الواردات العالمية خلال الفترة 2019-2023، مع زيادة ملحوظة بنسبة 4.7% مقارنة بالفترة السابقة. وتبقى روسيا المورد الرئيسي للأسلحة للهند بنسبة 36%، رغم تراجع نفوذها العالمي، تليها فرنسا بنسبة 33%.
الاعتماد الهندي على الأسلحة الأمريكية ظل مستقرًا عند 13%، مما يعكس تنوع شركائها الاستراتيجيين.
* السعودية وقطر: هيمنة الولايات المتحدة
السعودية، ثاني أكبر مستورد للأسلحة، خفضت وارداتها بنسبة 28%، لكنها لا تزال تعتمد بشكل كبير على الولايات المتحدة التي تورد 75% من احتياجاتها. أما قطر، فقد شهدت زيادة هائلة في وارداتها بنسبة 396%، لتصبح ثالث أكبر مستورد للأسلحة في العالم.
الولايات المتحدة تهيمن على السوق القطري أيضًا بنسبة 45%، في حين تحتل فرنسا وإيطاليا مراكز متزايدة كموردين رئيسيين.
* الحرب في أوكرانيا عامل رئيسي في زيادة الواردات
النزاع في أوكرانيا هو أحد العوامل الأبرز في هذا الجدول، حيث سجلت أوكرانيا زيادة بنسبة 633% في وارداتها من الأسلحة. الولايات المتحدة أصبحت المورد الأول لأوكرانيا بنسبة 39%، تليها ألمانيا وبولندا، مما يعكس الدعم العسكري الهائل من الغرب في ظل الحرب المستمرة.
* التوترات الإقليمية في آسيا
تبقى آسيا مسرحًا للتوترات الكبيرة، حيث زادت كل من باكستان (+43%)، اليابان (+26%)، وكوريا الجنوبية (+5.4%) من وارداتها لتعزيز قدراتها العسكرية. تظل الصين المورد الرئيسي للأسلحة لباكستان بنسبة 48%، في حين تسيطر الولايات المتحدة على الأسواق اليابانية والكورية الجنوبية، مما يعزز دورها كحليف استراتيجي في المنطقة.
* التغيرات الملحوظة في أوروبا والشرق الأوسط
في أوروبا، زادت واردات الأسلحة استجابة للتهديدات الأمنية الجديدة. ومن الأمثلة على ذلك الزيادة الكبيرة في واردات هولندا (+751%) والنرويج (+92%)، والتي تأتي معظمها من الولايات المتحدة، مما يعزز اندماجهم في حلف الناتو.
وفي إسرائيل، أحد الفاعلين الرئيسيين في الشرق الأوسط، زادت الواردات أيضًا بنسبة 5.1%، حيث تأتي الغالبية العظمى من الولايات المتحدة بنسبة 92%.
يشهد سوق الأسلحة العالمي تغيرات هيكلية مهمة، مع ظهور مشترين جدد وتنوع في الموردين. بينما تستمر بعض الدول في تعزيز تحالفاتها التقليدية، تتجه دول أخرى نحو توسيع شراكاتها الاستراتيجية لتعزيز أمنها الوطني. في هذا السياق، تظل الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا اللاعبين الرئيسيين في السوق، لكن دولًا أخرى مثل ألمانيا والصين تعمل على تعزيز نفوذها.
يُظهر هذا الجدول أن واردات الأسلحة لا تعتمد فقط على الكميات، بل تعكس أيضًا خيارات جيوسياسية معقدة تستجيب لاستراتيجيات الدفاع وأولويات الأمن القومي لكل دولة.