حنان العبيدي
تُعد جمعية مسرح المدينة بجمنة من أبرز الجمعيات الثقافية الناشطة في ولاية قبلي. تأسست في عام 2004، وقد وضعت المسرح والفنون في قلب مشروعها الثقافي، معتبرةً إياها أدوات للتعبير والإبداع وتنشيط الحياة الثقافية في الجهة. سفيان الطارق، رئيس الجمعية، أشار في تصريح لـ”الخبير”، إلى أن “الهدف الأساسي للجمعية منذ تأسيسها هو إحياء الثقافة المحلية من خلال الفنون، مع التركيز على جعل المسرح والفن وسيلة للتنمية المجتمعية”.
ويؤكد الطارق أن الجمعية نجحت في ترسيخ حضورها في المشهد الثقافي المحلي بفضل الأنشطة المتنوعة التي تقدمها، مشيرًا إلى أن هذه الأنشطة لا تقتصر على العروض المسرحية، بل تشمل أيضًا الفعاليات الموسيقية والثقافية التي تستهدف جميع فئات المجتمع.
مهرجانات وتظاهرات تُنعش المشهد الثقافي
في إطار تنشيط الساحة الثقافية، ساهمت جمعية مسرح المدينة بجمنة في تنظيم العديد من المهرجانات والتظاهرات الثقافية، أبرزها المهرجان الصيفي بجمنة. وقد بلغ هذا المهرجان دورته التاسعة عشرة هذا العام، ليصبح حدثًا سنويًا يعكس تنوع الفنون المحلية. ووفقًا لما ذكره سفيان الطارق، فإن “المهرجان الصيفي بجمنة أصبح نقطة التقاء بين الفنانين والجمهور، حيث يعكس التنوع في العروض المسرحية والموسيقية، وهو بمثابة فرصة لإعادة الاعتبار للفعل الثقافي المحلي”. وأضاف أن المهرجان وفر أيضًا فضاءات عرض للفرق الشابة، مما ساعد على خلق حركية ثقافية جعلت من جمنة وجهة رئيسية للفنانين والجمهور.
برنامج “تسير”: شراكة تؤسس لمسار مستدام
دعمًا للتكوين وبناء القدرات، انخرطت الجمعية في برنامج “تسير – TACIR” بالشراكة مع جمعية AMAVI للسمعي البصري. يهدف هذا البرنامج إلى مرافقة الفاعلين الثقافيين والشباب، وتطوير مهاراتهم في مجالات الاتصال، وإدارة المشاريع الثقافية، والعمل الإبداعي.
وأوضح الطارق أن “هذه الشراكة أسفرت عن إنشاء فضاء ‘TACIR Lab’ داخل مقر الجمعية في عام 2024، وهو فضاء مخصص للعمل والتكوين وتجريب المبادرات الثقافية، حيث يمكن احتضان الورشات، والدورات التكوينية، والمبادرات الثقافية في مجالات السمعي البصري والفن”. وأكد أن هذا الفضاء يمثل منصة مهمة لتعزيز قدرات الشباب ودعم المشاريع الناشئة، مما يساهم في خلق بيئة ملائمة للإبداع والابتكار الثقافي.
تتويج يعكس نجاعة التكوين
أحد أبرز مخرجات برنامج “تسير” كان تتويج أحمد مجدوب، أحد المشاركين في الأنشطة الثقافية، بجائزة خلال فعالية “Demo Day”. وهو تتويج يعكس الجودة العالية للتكوين الذي تقدمه الجمعية، والقدرة على تحويل الأفكار الإبداعية إلى مشاريع قابلة للتنفيذ. ويؤكد الطارق أن “هذا التتويج هو ثمرة الربط بين التكوين والممارسة العملية، ويظهر كيف يمكن لبرنامج متكامل أن يساعد الشباب على بلورة أفكارهم وتحويلها إلى واقع”. وأضاف أن هذا التتويج يعكس أيضًا قدرة الجمعية على توفير فضاءات ملائمة لدعم وتنمية المشاريع الثقافية الناشئة.
الثقافة كخيار مجتمعي
رغم التحديات المادية التي تواجهها الجمعية، تواصل جمعية مسرح المدينة بجمنة عملها بفضل روح التطوع والإيمان العميق بدور الثقافة في التغيير الاجتماعي. وفي هذا السياق، أشار سفيان الطارق إلى أن الجمعية “نجحت في الانتقال من العمل الظرفي إلى بناء مسار ثقافي أكثر هيكلة”. وأكد أن الجمعية تربط بين المسرح والتكوين واحتضان المبادرات الشبابية، مما جعل منها نموذجًا في تحويل الفعل الثقافي المحلي إلى ممارسة يومية تُسهم في بناء الإنسان والمكان.
وبحسب الطارق، فإن تجربة الجمعية في جمنة تعتبر نموذجًا حيًا لقدرة الفعل الثقافي على إحداث تأثير إيجابي في المجتمع المحلي. وأضاف: “نحن نؤمن أن الفعل الثقافي المحلي، رغم محدودية الإمكانيات، قادر على صناعة الأثر وتحويل الثقافة إلى جزء من الحياة اليومية، مما يجعل جمنة فضاءً مفتوحًا للإبداع والتجديد”.
















