واصلت مجموعة البنك الدولي جهودها في العمل مع البلدان حول العالم لتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق التقدم وتوفير الفرص الاقتصادية، مع التركيز على توفير الوظائف كأداة رئيسية لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والحد من الفقر. واعتبرت مجموعة البنك الدولي أن عام 2025 كان عامًا محوريًا في خلق الوظائف، حيث وضعت هذه المهمة في صميم أولوياتها، مشيرة إلى أن توفير الوظائف لا يقتصر على تحسين الوضع الاقتصادي للأفراد بل يسهم في بناء اقتصادات مستقلة ومستدامة.
التركيز على الوظائف كمحور رئيسي للتنمية
وفقًا لتقرير مجموعة البنك الدولي لعام 2025، تعد الوظائف الطريق الأهم للخلاص من براثن الفقر، حيث توفر الكرامة والأمل والاستقرار الاقتصادي. فهي تبني اقتصادات قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتقلل من الاحتياجات الإنسانية، وتحفز الطلب على السلع والخدمات، مما يسهم في ضمان استدامة التنمية وازدهارها. وقد أكد البنك أن التحديات الكبرى التي تواجه الاقتصاد العالمي هي في توفير وظائف كافية للفئات السكانية المتزايدة، خاصة مع توقعات بلوغ 1.2 مليار شاب في البلدان النامية إلى سن العمل خلال العقد المقبل.
تحولات ديموغرافية وتأثيرها على الاقتصاد العالمي
تتوقع مجموعة البنك الدولي أن يشهد العالم تحولًا ديموغرافيًا غير مسبوق، حيث من المتوقع أن يصل عدد الشباب في البلدان النامية إلى 1.2 مليار شخص في العقد المقبل، مما سيؤثر بشكل كبير على نمو الاقتصاد العالمي. ورغم أن هذه الميزة الديموغرافية قد تشكل عاملًا محفزًا للاقتصاد، فإن غياب الفرص المناسبة قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في العديد من المناطق، مما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير الوظائف.
قطاعات رئيسية لخلق الوظائف
في إطار سعيها لتعزيز الاقتصاد العالمي، أكدت مجموعة البنك الدولي أن التركيز يجب أن يكون على القطاعات التي تملك القدرة على خلق الوظائف وتعزيز النمو المحلي، مثل البنية التحتية والطاقة، والصناعات الزراعية، والرعاية الصحية، والسياحة، والتصنيع والصناعات التحويلية. وتستهدف المبادرات الاستراتيجية التي أطلقها البنك الدولي في هذه القطاعات توفير فرص عمل وتحفيز نمو الاقتصاد المحلي.
التقدم في مشروعات الطاقة والبنية التحتية
تعد البنية التحتية أحد الركائز الأساسية في تعزيز التنمية، حيث توفر فرصًا للتواصل بين الناس وتعزز من تحسين ظروفهم المعيشية. في هذا السياق، أطلقت مجموعة البنك الدولي مع البنك الأفريقي للتنمية مبادرة “المهمة 300” التي تهدف لتوفير الكهرباء لنحو 300 مليون شخص في أفريقيا بحلول عام 2030. وقد استفاد 32 مليون شخص حتى الآن من هذه المبادرة التي ساهمت في تحفيز الإصلاحات وتوفير الكهرباء للمناطق المحرومة.
الزراعة والصناعات الزراعية: تعزيز الأمن الغذائي وفرص العمل
تواصل مجموعة البنك الدولي دعم الزراعة في البلدان النامية باعتبارها محركًا رئيسيًا لتوفير فرص العمل وضمان الأمن الغذائي. في عام 2025، أطلقت المجموعة مبادرة لتحويل القطاع الزراعي التي تستهدف تحسين أساليب الزراعة لصغار المزارعين وتحقيق فوائض إنتاجية، من خلال توفير التمويل والتكنولوجيا الحديثة. ويُتوقع أن يتم مضاعفة الاستثمارات السنوية في الصناعات الزراعية لتصل إلى 9 مليارات دولار أمريكي بحلول 2030.
الرعاية الصحية: تحفيز النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل
تعتبر الرعاية الصحية من العناصر الأساسية التي تدعم النمو الاقتصادي وتخلق فرص العمل. في عام 2025، أعلنت مجموعة البنك الدولي عن هدفها لتوفير خدمات صحية عالية الجودة وبتكلفة ميسورة لأكثر من 1.5 مليار شخص بحلول عام 2030. وتهدف هذه المبادرة إلى تحسين النواتج الصحية في المجتمعات وتحفيز النمو الاقتصادي من خلال توفير فرص عمل جديدة في القطاع الصحي وغيره من القطاعات المتصلة.
السياحة والصناعة: فرص كبيرة للوظائف بحلول 2035
يُعد قطاع السياحة أحد القطاعات التي تساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل في الاقتصادات النامية، حيث يتوقع أن يخلق القطاع نحو 91 مليون وظيفة جديدة بحلول عام 2035. كما أن التصنيع والصناعات التحويلية يشكلان محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، حيث يعمل قطاع التصنيع على دعم الأسواق المحلية وتحفيز التجارة الدولية. ومن المتوقع أن تسهم المشاريع الصناعية المدعومة من مجموعة البنك الدولي في خلق 520 ألف وظيفة، بما في ذلك 180 ألف وظيفة للنساء.
الاستثمار في المستقبل: تعزيز الضمانات وزيادة رؤوس الأموال الخاصة
في إطار دعم الاستثمارات المستقبلية، شهدت مجموعة البنك الدولي نموًا قويًا في رؤوس الأموال الخاصة التي تم تدبيرها، حيث ارتفعت من 47 مليار دولار إلى 67 مليار دولار في عامين فقط. كما أطلقت المجموعة منصة مركزية للضمانات بهدف تسهيل الإجراءات للبلدان المتعاملة معها، ما سيسهم في تحسين مناخ الاستثمار وتوسيع قاعدة الاستثمارات العالمية.
التزام مجموعة البنك الدولي لعام 2026
تؤكد مجموعة البنك الدولي أن عام 2025 كان عامًا حاسمًا في التركيز على خلق الوظائف، وتخطط المجموعة لعام 2026 لتحقيق نتائج ملموسة تسهم في بناء مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا. وستستمر الجهود في تعزيز هذه الأولوية الرئيسية مع التركيز على التنمية الذكية التي تراعي التحديات المالية وظروف البلدان المختلفة.

















