أسقطت لجنتا المالية والميزانية داخل الغرفتين التشريعيتين الفصل 47 من مشروع قانون المالية لسنة 2026، والمتعلّق بمراجعة المعاليم الديوانية المستوجبة على توريد اللاقطات الشمسية. ويأتي هذا القرار رغم تأكيد الحكومة على أهمية الإجراء في دعم مسار الانتقال الطاقي وخفض كلفة إنتاج الكهرباء.
وينصّ الفصل 47 على التخفيض في نسبة المعاليم الديوانية على اللاقطات الشمسية المدرجة بالتعريفة الديوانية من 85.41% إلى 15%، بعد أن كانت الحكومة قد اقترحت في مرحلة أولى التخفيض من 30% إلى 15% بهدف تشجيع استعمال الطاقات البديلة والتحكم في كلفة إنتاج الكهرباء الفولطاضوئية.
الحكومة: الإجراء يخفّض كلفة إنتاج الكهرباء ويعزّز تنافسية الصناعة
خلال اجتماع اللجنتين، أوضح كاتب الدولة المكلّف بالانتقال الطاقي أنّ التخفيض المقترح سيساهم مباشرة في تخفيف كلفة إنتاج الكهرباء، ويدعم القدرة التنافسية للمنتوج الصناعي التونسي، إضافة إلى دوره في الحد من العجز الطاقي.
كما شدّد على أنّ الصناعة المحلية تتمتع بجملة من الامتيازات الديوانية، وأن جودة المنتوج المحلي تخضع بانتظام للمراقبة، داعيًا إلى ضرورة إيجاد توازن بين حماية الصناعة الوطنية وتوفير منتوج ذي جودة عالية مع تخفيض كلفة الاستثمار.
وقدّم كاتب الدولة معطيات تُظهر محدودية القدرات التصنيعية المحلية، حيث يبلغ عدد الشركات المتخصصة في تصنيع اللاقطات الشمسية 3 فقط، مقابل 300 شركة تنشط في تركيب الأنظمة الشمسية، ما يجعل السوق الوطنية في حاجة إلى موارد توريد مستقرة تضمن وفرة المنتوج وأسعاره.
75 مليون دينار حجم توريد اللاقطات في 8 أشهر
وبيّن كاتب الدولة أن تكلفة توريد اللاقطات الشمسية بلغت 75 مليون دينار خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، وأن التخفيض في المعاليم إلى 15% كان سيُقلّص الكلفة بحوالي 13 مليون دينار، في خطوة من شأنها دعم الاستثمار ومواكبة أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي.
النواب: ضبابية للمستثمرين وغياب تقييم حقيقي للقيمة المضافة
من جهتهم، أبدى النواب تحفظات عدّة، أبرزها:
-
تكرار الإجراء سنويًا بما يخلق ضبابية لدى المستثمرين
-
غياب وضوح حول نسبة الإدماج المحلي والقيمة المضافة الوطنية
-
ضعف القدرات التصنيعية المحلية واعتماد القطاع على توريد أغلب المدخلات
-
غياب تقييم دقيق لجودة المنتجات الموردة وتأثير الإجراء على ميزانية الدولة
كما طالب بعض النواب بتوضيحات دقيقة حول عدد المؤسسات الناشطة فعليًا في القطاع، ومدى قدرة المصنّعين المحليين على تلبية الطلب الوطني.
الصناعة المحلية: الامتيازات للمورّدين تُربك مسار التطوير
وخلال جلسة استماع مشتركة مع لجنتي الميزانية والمالية، عبّر عدد من ممثلي مؤسسات تصنيع اللاقطات الشمسية عن رفضهم لإعادة تمتيع المورّدين بالامتيازات الديوانية، معتبرين أنّ ذلك يخلق منافسة غير متكافئة ويُهدّد فرص توسّع المؤسسات التونسية وقدرتها على الاستثمار وخلق مواطن شغل.
وأشاروا إلى أن استمرار هذه السياسة من شأنه إضعاف الصناعة الوطنية الناشئة في قطاع الطاقات المتجددة، وزيادة تبعية السوق المحلية للتوريد، بدل تطوير تصنيع محلي قادر على المنافسة.
جدل متواصل… بين دعم الانتقال الطاقي وحماية الصناعة الوطنية
يكشف إسقاط الفصل 47 عن تواصل الجدل داخل المجلس التشريعي بخصوص التوازن بين تشجيع استعمال الطاقات المتجددة عبر التوريد وتطوير تصنيع محلي قادر على تغطية الطلب الوطني. وبينما تؤكد الحكومة أن التخفيض يهدف لتقليص كلفة الكهرباء ودعم الانتقال الطاقي، يتمسّك المصنعون المحليون والنواب بضرورة حماية الصناعة الناشئة وضمان استدامة الاستثمار.
ويبقى الملف مفتوحًا في انتظار صيغة تشريعية وتعديلية توفّق بين أهداف الانتقال الطاقي وحاجيات الصناعة التونسية في مجال الطاقات النظيفة.

















