أثار إعلان وكالة تونس إفريقيا للأنباء حول تمكن تونس من سداد كامل التزاماتها الخارجية لسنة 2025، قبل ثلاثة أشهر من الموعد المحدد، جدلاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية، بعد أن شكّك عدد من الخبراء في صحة هذه المعطيات.
سداد مبكر ونتائج إيجابية بحسب الوكالة الرسمية
ذكرت الوكالة أنّ تونس نجحت، بفضل سياسة مالية موجهة نحو التمويل الذاتي وتنويع الموارد، في تغطية احتياجاتها المالية دون اللجوء إلى قروض خارجية جديدة. وأشارت إلى أنّ هذا الأداء تحقّق بفضل تحسّن الإيرادات السياحية، وارتفاع تحويلات التونسيين بالخارج، وانتعاش صادرات زيت الزيتون.
كما أكّد تقرير للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أنّ نسبة الدين الخارجي من إجمالي الدين العام تراجعت من 70% سنة 2019 إلى 50% في 2025، مع توقّع انخفاض الدين العمومي إلى 80.5% من الناتج المحلي الإجمالي بنهاية العام.
أرقام البنك المركزي تقدّم صورة مختلفة
في المقابل، أوضح الخبير الاقتصادي آرام بلحاج أنّ البيانات الرسمية للبنك المركزي التونسي تُظهر أنّ إجمالي خدمة الدين الخارجي المبرمجة لسنة 2025 يبلغ 10,393 مليون دينار (منها 8,469 مليون أصل الدين و1,924 مليون فوائد)، مشيراً إلى أنّه حتى 30 سبتمبر 2025 تم تسديد 10,549.2 مليون دينار تشمل ديون الدولة وبقية المتعاملين الاقتصاديين.
وبيّن بلحاج أنّ بعض المستحقات لا تزال قائمة، وتشمل:
- 61 مليون دينار لصندوق النقد الدولي في أكتوبر،
- 111 مليون دينار في نوفمبر،
- و516 مليون دينار إجمالاً في ديسمبر (منها 140 مليوناً لصندوق النقد الدولي و204 ملايين لأفريكسيم بنك).
وأكد الخبير أنّه لا يمكن القول إنّ تونس أنهت بالكامل سداد ديونها الخارجية قبل الآجال، باعتبار أنّ بعض الدفوعات لا تزال مبرمجة قبل نهاية السنة.
بين الخطاب الرسمي والتحليل التقني
تُبرز المعطيات اختلافاً بين الخطاب الرسمي المتفائل الذي يعتبر السداد المبكر مؤشراً على صلابة الاقتصاد، والتحليل التقني للخبراء الذين يدعون إلى التمييز بين الالتزامات المسددة فعلياً وتلك التي لم تحل آجالها بعد.
ومهما يكن، فإنّ القدرة على الإيفاء بالديون في آجالها دون اللجوء إلى تمويل خارجي جديد تمثل مؤشراً إيجابياً على تحسن نسبي في التوازنات المالية، حتى وإن بقي الجدل قائماً حول توقيت السداد الكامل ودقّة الأرقام الرسمية.