تُحيي وزارة الشؤون الثقافية، يوم 30 سبتمبر من كل عام، اليوم العالمي للترجمة، تماشياً مع احتفاء المجموعة الدولية بهذا الموعد الثقافي الهام. وقد اعتمد الاتحاد الدولي للمترجمين شعار هذه السنة:
“الترجمة، صياغة مستقبل يمكن أن تثق فيه”،
ليؤكد بذلك أن الترجمة ليست مجرّد وسيلة لنقل المعاني بين اللغات، بل هي ركيزة لبناء مستقبل ثقافي مشترك، يقوم على الثقة والتقارب بين الشعوب والثقافات.
فالترجمة تمثّل، في جوهرها، فعلًا إنسانيًا وحضاريًا يساهم في مدّ جسور التفاهم والتبادل الثقافي، ويُمكّن الأفراد من النفاذ إلى المعرفة بلغاتهم الأم، في مختلف مجالات الفكر والعلم، من الطب والعلوم والتكنولوجيا، إلى القانون والفنون والإعلام.
ويضطلع المترجمون بدور محوري في هذا المسار، إذ يتحمّلون مسؤولية معرفية وأخلاقية عالية، تقوم على الأمانة والموضوعية والدقة، بعيداً عن كل أشكال التشويه أو التضليل. فالمترجم، بحكم موقعه، هو أمين على المعنى وروح النص، يُنقل بصدق إلى اللغة الهدف، محافظًا على جوهره ومقاصده.
ولا يخفى أن الترجمة في تونس لها جذور تاريخية عميقة، إذ كانت البلاد على مرّ العصور محطة التقاء حضارات متعددة، ما مكّن الإنسان التونسي من الاطلاع على لغات شتّى، وجعل من الترجمة أداة حيوية لفهم الآخر ونقل المعرفة.
وفي زمن العولمة والتداخل الثقافي، تزداد الحاجة إلى الترجمة كآلية لمقاومة الانغلاق وبناء جسور التواصل الإنساني، وهي وسيلة لإرساء قيم الحوار والاعتراف المتبادل، ومجال حيوي لحماية اللغات المهددة وحفظ الذاكرة الثقافية للشعوب.
وإذ تؤكد وزارة الشؤون الثقافية في هذه المناسبة أن الترجمة ليست نشاطًا تقنيًا فقط، بل مشروع ثقافي متكامل، فإنها تجدد التزامها بدعم جميع المبادرات التي من شأنها تعزيز حركة الترجمة، وتشجيع المترجمين والناشرين على جعلها أداة لنشر قيم الانفتاح والتسامح والإبداع.
كما تعبّر الوزارة عن فائق تقديرها وامتنانها للمترجمين والمترجمات في تونس وفي العالم، لما يبذلونه من جهود معرفية وإبداعية متواصلة. فهم جنود الثقافة الصامتون الذين، بفضل عطائهم، تلتقي العقول وتتحاور الثقافات وتتقارب الأمم.
ايمان مهني