في ظل تزايد صعوبة الحصول على قروض بنكية، وخاصة تلك المتعلقة بالاستهلاك، يواصل قطاع التمويل الصغير في تونس تعزيز مكانته لدى فئات واسعة من المواطنين، ليصبح بديلاً فعّالاً يملأ الفراغ الذي تخلّفه المؤسسات البنكية التقليدية.
ووفق البيانات المتوفرة، فإن أكثر من 804 ألف تونسي تحصلوا على قروض من مؤسسات التمويل الصغير، في دليل واضح على تنامي الإقبال على هذا الصنف من التمويل الذي يتسم بالمرونة وسهولة النفاذ، رغم ارتفاع نسب فوائده مقارنة بالقروض البنكية.
وخلال الثلاثي الأول من سنة 2025، منحت مؤسسات التمويل الصغير 113 ألف و583 قرضًا، بقيمة جملية بلغت 564.9 مليون دينار، مقابل 511.7 مليون دينار خلال نفس الفترة من سنة 2024، وهو ما يعكس ارتفاعًا ملحوظًا في الطلب، وتوسّع دور هذه المؤسسات في المشهد المالي.
تمويل سهل في مقابل تعقيدات بنكية
المحلّل المالي بسّام النيفر أشار إلى أن قطاع التمويل الصغير استغل تراجع القروض البنكية غير المهنية، وخاصة قروض الاستهلاك، ليزيد من انتشاره، لافتًا إلى أن ارتفاع نسبة فوائده لم يمنع التونسيين من اللجوء إليه، نظرًا لسهولة الإجراءات مقارنة بالبنوك.
وأوضح النيفر أن القائم العام لقروض التمويل الصغير ارتفع بقيمة 33.7 مليون دينار خلال الثلاثي الأول من العام الجاري، ليبلغ إجمالًا 2596 مليون دينار، فيما بلغ معدل القرض الفردي حوالي 4974 دينارًا، مقابل 4646 دينارًا خلال نفس الفترة من العام الفارط، ما يعكس ازدياد حجم الحاجيات لدى المواطن التونسي.
إقبال من الفئات الجديدة
من جهة أخرى، أكد المحلّل أن نحو 110 آلاف شخص طبيعي تحصلوا على قرض خلال الأشهر الثلاثة الأولى من السنة، من بينهم 13.3% يتحصلون على تمويل لأول مرة، وهي نسبة وصفها بالمعبّرة عن مدى اتساع قاعدة المستفيدين من هذا النوع من التمويل.
تموقع متزايد وسط تراجع البنوك
وشدّد النيفر على أن التراجع الملحوظ في منح القروض من قبل البنوك، خاصة في ما يتعلق بالتمويل غير المهني، فسح المجال أمام مؤسسات التمويل الصغير لتعزيز حضورها وتقديم حلول مالية للفئات المحرومة من الخدمات البنكية الكلاسيكية.
واختتم تصريحه بالتأكيد على أن نمو الاستهلاك في تونس خلال الفترة الأخيرة يعود أساسًا إلى دور التمويل الصغير، وليس إلى القطاع البنكي الذي تراجع حضوره بشكل ملحوظ في هذا المجال.