بعد سنوات من الانتظار، وبَعدَ أن شاب الشعر وذاب الأمل، فاجأنا “التجاري بنك” أخيرًا بإطلاق آلات سحب جديدة توحي لك بأنك أمام تكنولوجيا قادمة من وكالة ناسا مباشرة: تصميم أنيق، ألوان جذابة، شاشات لمس تشعرك بأنك في فيلم خيال علمي… ولكن، فقط إذا نظرتَ إليها من بعيد.
فور إعلان البنك عن هذه “الثورة الرقمية”، هرع المواطنون لتجربة هذه المعجزة البنكية. لكن سرعان ما اكتشفوا أن الفرق بين الصورة والإستعمال، كالفرق بين إعلان شامبو وتصفيفة الشعر في الواقع بعد الاستحمام!
شاشة اللمس؟ رائعة فعلًا، لو كانت تلمسنا نحن أيضًا. البعض أكد أنها تشتغل فقط إذا قمت بطقس خاص يشمل النفخ عليها ثلاث مرات، وترديد جملة “يا رب يا ساتر” بينما ترفع البطاقة في الهواء.
أما إذا حالفك الحظ واشتغلت الشاشة، فأنت على موعد مع مغامرة حقيقية: تطلب سحب أموالك فتفاجئك الآلة بعملية شحن رصيد لهاتفك، تطلب شحن الهاتف؟ مبروك، لقد طلبت سحبًا نقديًا دون أن تدري!
بل هناك من أقسم أن الآلة “أُنجزت” خصيصًا لعكس أوامرك. وكأن هناك عقلًا إلكترونيًا داخليًا مبرمجًا على: “ماذا يريد العميل؟ ممتاز، أعطوه العكس!”.
أسئلة مشروعة نطرحها اليوم بكل جدية (ساخرة طبعًا):
* هل هذه الآلات الجديدة مصممة خصيصًا لتدريبنا على الصبر؟
* هل هي جزء من مشروع سري لاختبار ردود فعل الإنسان في مواجهة العبث البنكي؟
* هل يُعقل أن يكون البنك قد اشترى هذه الأجهزة من معرض تكنولوجيا مستعملة في أحد أسواق الخردة؟
ختامًا، نقول للبنك العزيز: شكرًا على هذه المبادرة العظيمة، لكن نُفضّل آلاتكم القديمة العتيقة… تلك التي على الأقل، كانت تستجيب لما يطلبه الحريف من خدمات!
أبو فرح