في سياق العلاقات الاقتصادية المتنامية بين تونس وتركيا، تكتسي المبادلات التجارية بين البلدين أهمية خاصة بالنظر إلى تطورها الكمّي والنوعي خلال السنوات الأخيرة. وقد شكّلت هذه المسألة محور النقاش في حلقة جديدة من برنامج L’EXPERT على قناة تونسنا، والتي استضافت سعادة سفير الجمهورية التركية بتونس، السيد أحمد مصباح دميرجان.
اللقاء مثّل فرصة لقراءة معمّقة في واقع المبادلات التجارية الثنائية، والوقوف على مكامن قوتها، إضافة إلى استعراض أبرز الإيجابيات التي تعود على الاقتصاد الوطني التونسي من خلال هذه الشراكة المتواصلة. كما فتح المجال لطرح تساؤلات جوهرية حول سبل تحقيق توازن أفضل في الميزان التجاري وضمان شراكة مربحة للطرفين.
علاقات تاريخية وثقافية تُمهد لتعاون اقتصادي متين
خلال حديثه في برنامج L’EXPERT، شدّد السفير التركي بتونس، أحمد مصباح دميرجان، على عمق العلاقات التاريخية والثقافية التي تربط بين الشعبين التونسي والتركي، مبرزًا أن ما يفوق 200 ألف تونسي يزورون تركيا سنويًا، بهدف السياحة والتجارة والتزود بالبضائع، وهو ما يعكس حركية إنسانية وتجارية نشطة بين البلدين. كما أشار إلى أن هذه السنة شهدت بدورها توافد عدد هام من الأتراك على تونس، ما يؤكد على حيوية المبادلات في الاتجاهين.
واعتبر السفير أن التقارب الثقافي بين الشعبين يمثّل ركيزة أساسية لأي تعاون اقتصادي ناجح، قائلاً: “أي تركي يزور تونس يشعر وكأنه في وطنه، وكذلك التونسي في تركيا”، مؤكّدًا أن القرب الحضاري والثقافي يُمهّد لثقة المستثمر، ويُشجّع رجال الأعمال على خوض تجارب إنتاج وتبادل في بيئة مألوفة ومريحة.
ولم يغفل السفير البعد التاريخي العميق الذي يربط البلدين، مستشهدًا بقرون من العلاقات المتينة، وبروابط فكرية وسياسية تتجلى خاصة في القيم المشتركة المرتبطة بالاستقلال والسيادة الوطنية، ما يعكس تشابها في الرؤية والمبادئ.
وعلى الصعيد الاقتصادي، أقرّ دميرجان بعدم توازن المبادلات التجارية الحالية، حيث تصدّر تركيا إلى تونس ما قيمته حوالي 1.2 مليار دولار، في حين لا تتجاوز الصادرات التونسية نحو تركيا 300 مليون دولار. وبيّن أن هذا الاختلال يستوجب إعادة نظر جماعية في سُبل تحقيق توازن أفضل، ليس فقط عبر تبادل السلع، بل من خلال استكشاف مجالات جديدة للتكامل والشراكة، خاصة في السوق الإفريقية حيث لتونس موقع استراتيجي يمكن استغلاله كمنصة للوصول إلى العمق الإفريقي.
وأشار السفير إلى أن الاقتصاد التركي يُعد من أكبر الاقتصاديات الإقليمية والعالمية، بإجمالي إنتاج سنوي يناهز 1.2 تريليون دولار، وصادرات تصل إلى 265 مليار دولار. كما تمتلك تركيا، وفق تصريحه، صناعة قوية بفضل سوقها الداخلية الواسعة البالغة 85 مليون نسمة، إضافة إلى تنافسية منتجاتها من حيث الجودة والسعر.
وأضاف أن رجال الأعمال التونسيين يُبدون اهتمامًا خاصًا بالمنتجات التركية، وخاصة في قطاعات الآلات والتجهيزات والتكنولوجيا، لما تتمتع به من جودة عالية وكلفة مناسبة، وهو ما يجعلها خيارًا مفضّلًا في السوق التونسية.
تونس منصة استراتيجية بين أوروبا وإفريقيا: آفاق التعاون الثلاثي مع تركيا
أكد السفير التركي أحمد مصباح دميرجان أن تونس، بما تمتلكه من موقع جغرافي فريد ومؤهلات بشرية وبنية تحتية متقدمة، تُعدّ منصة مثالية لتطوير شراكة اقتصادية ثلاثية بين تركيا وتونس وإفريقيا. وأوضح أن رجال الأعمال التونسيين، نظرًا لتجربتهم الطويلة في الأسواق العالمية، يدركون جيدًا مزايا التعامل مع شركاء مثل تركيا، إلى جانب علاقاتهم المتجذرة مع أوروبا والصين، مما يفتح آفاقًا كبيرة للتنويع.
وفي هذا السياق، شدد السفير على أن الهدف اليوم لم يعد مجرد تبادل سلع بين دولتين، بل التوجه نحو شراكات إنتاج مشتركة تستهدف السوق الإفريقية التي تُعتبر مستقبل الاستثمار العالمي، حيث يُتوقّع أن يرتفع عدد سكان القارة من 1.2 مليار حاليًا إلى 2 مليار نسمة في غضون 30 سنة. وقال: “كل العالم يتجه نحو إفريقيا وتركيا والصين، لأن الأسواق التقليدية وصلت إلى أقصاها، والاستثمار الحقيقي اليوم في مناطق تحتاج إلى البنية التحتية والتصنيع والخدمات”.
وفي هذا الإطار، أبرز السفير أن السفارة التركية بتونس تشتغل على برنامج متكامل لتعزيز المبادلات وتوسيع التعاون في ميادين الصناعة والتجارة واللوجستيك، مع رؤية استراتيجية تقوم على تشجيع الاستثمار المشترك وتوجيه الإنتاج نحو القارة الإفريقية. وأكد أن تونس تمتلك كل المقومات لتضطلع بهذا الدور: من بنية تحتية ملائمة، ويد عاملة مؤهلة، ومحيط قانوني ومؤسساتي مشجع، إلى جانب بعدها السياحي والحقوقي والمالي، ممّا يجعلها قاعدة مثالية لأي تحرك اقتصادي نحو إفريقيا.
وأضاف أن التحدي اليوم يتمثل في إيجاد “الطريق”، على حد تعبيره، أي الآليات العملية لبناء هذه الشراكة الثلاثية. ويتطلب ذلك، حسب قوله، تحديد الميادين ذات الأولوية، وبناء آليات إنتاج وتوزيع مشتركة بين المؤسسات التركية والتونسية لتصدير منتجات موجهة خصيصًا للسوق الإفريقية، حيث تلتقي الإمكانيات التركية بالكفاءات التونسية في مشروع تكاملي طموح.
من البنية التحتية إلى الاستثمار: خارطة طريق تركية لدفع الشراكة الاقتصادية
في معرض حديثه عن الخطط المستقبلية لتركيا في تونس، أوضح السفير أحمد مصباح دميرجان أن المرحلة المقبلة تقتضي الانتقال من مستوى التصريحات والنوايا إلى تنفيذ برامج عملية ترتكز على مشاريع استثمارية حقيقية وملموسة، تخدم مصلحة البلدين وتستثمر الموقع الاستراتيجي لتونس كبوابة نحو السوق الإفريقية.
وأشار السفير إلى أن التجربة التركية في مجال البنية التحتية كانت من أبرز مفاتيح الإقلاع الاقتصادي في بلاده، مستشهداً بطفرة قطاع النقل الجوي بعد مجيء الرئيس رجب طيب أردوغان إلى الحكم منذ أكثر من عشرين سنة، حيث ارتفع عدد الطائرات التركية إلى 500، وتوسعت شبكة المطارات لتضم أكثر من 55 مطارًا داخليًا، من بينها مطار إسطنبول الذي يستقبل سنويًا نحو 100 مليون مسافر، مع قدرة استيعاب مستقبلية تصل إلى 200 مليون مسافر.
وقال السفير: “الاستثمار لا يمكن أن يتم دون بنية تحتية قوية تسهّل التواصل والربط بين الناس والبضائع، فحيث لا تصل الطائرة أو السفينة، لا تصل التجارة ولا الصناعة ولا حتى السياحة”. لذلك، أشار إلى رغبة بلاده في تطوير شراكة في مجال النقل الجوي والبحري بين تونس وتركيا، خاصة من خلال تعاون بين الخطوط الجوية التركية ونظيرتها التونسية، بما يسهل الربط مع السوق الإفريقية ويوفر خطوط شحن وسفر تُسهم في تسريع الحركة الاقتصادية.
كما تحدّث السفير عن وجود اهتمام تركي بتطوير الموانئ كعنصر محوري في المبادلات التجارية، مشيرًا إلى أن تركيا تمتلك منافذ بحرية فعالة، بعضها بالتعاون مع شركاء أفارقة. وأكد أن ربط هذه الشبكات البحرية مع موانئ تونس سيساهم في بناء جسر لوجستي عملي وفعّال نحو الأسواق الإفريقية.
ومن بين الأولويات الأخرى التي أشار إليها السفير التركي، ملف الطاقة، باعتبارها شرطًا أساسيا لكل نمو صناعي. وقال في هذا السياق إن الطاقة ستكون من بين المجالات الواعدة للتعاون، خاصة في ظل الطلب المتزايد في إفريقيا على البنية التحتية الطاقية والغذاء والمنسوجات وغيرها من المواد الأساسية.
أما على مستوى الاستثمار المباشر، فقد كشف السفير أن السنة الماضية وحدها شهدت زيارة ما بين 600 و700 شركة تركية إلى تونس بهدف الاستكشاف وبحث فرص التعاون. وأكد أن هذا الزخم يعكس اهتمامًا جديًا ومتزايدًا من قبل المستثمرين الأتراك، خاصة مع إدراكهم لأهمية تونس كسوق واعدة من جهة، وكنقطة انطلاق إستراتيجية نحو القارة الإفريقية من جهة أخرى.
وختم بالقول: “عندما يأتي المستثمر التركي إلى تونس ويكتشف بلدًا آمنًا، جميلًا، وشعبًا مضيافًا، فإنه لا يتردد في التفكير في إقامة مشاريع مشتركة وتصدير منتجات نحو إفريقيا. وهذا هو جوهر الشراكة التي نطمح إلى ترسيخها.”
موطئ قدم في تونس: نحو شراكة إنتاج فعلية موجهة لإفريقيا
أكد السفير التركي أحمد مصباح دميرجان، في حديثه ضمن برنامج L’EXPERT، أن الخطوة الأساسية لتطوير المبادلات التونسية التركية وتوجيهها نحو الأسواق الإفريقية، هي بناء موطئ قدم تركي فعلي في تونس، من خلال إرساء مؤسسات إنتاج واستثمار مشترك على الأراضي التونسية، تكون قاعدة انطلاق للتصدير المشترك نحو العمق الإفريقي.
وأوضح السفير أن تونس تُعد سوقًا صغيرة من حيث الحجم السكاني، لكنها تمتلك موقعًا استراتيجيًا يجعلها البوابة المثلى نحو إفريقيا، وهو ما يجعلها حليفًا محوريًا لكل من يريد دخول هذا السوق الواعد. وشدد على أهمية تجاوز العوائق اللوجستية التي لا تزال تحدّ من انفتاح تونس على أسواق القارة، قائلاً: “إذا استطعنا تطوير اتفاقات مشتركة في النقل البحري والجوي، فذلك سيكون مكسبًا هائلًا لتونس، وللاقتصاد التركي كذلك”.
وذكر أن تطوير الاستثمار يمر أولًا عبر بناء مرجعيات مؤسساتية واضحة بين البلدين، تشمل غرف التجارة ومنظمات الأعراف على غرار ” الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”، بالإضافة إلى إنشاء آلية دائمة للتشاور بين رجال الأعمال التونسيين والأتراك. واعتبر أن نجاح هذا التنسيق يتطلب إعداد دراسات جدوى عميقة ومشتركة تحدد فرص التعاون والإنتاج.
وأبرز السفير أن رجال الأعمال الأتراك يمتلكون تكنولوجيا متقدمة وطاقة إنتاجية مهمة، لكنهم يحتاجون إلى شريك محلي يوفر الأرضية المناسبة، سواء عبر الموارد البشرية أو الأراضي الصناعية أو التموضع الجغرافي، مضيفًا: “إذا وجد المستثمر التركي السوق، فإنه سيأتي بخبراته وماكيناته، ويتقاسم المنفعة مع نظيره التونسي”.
كما شدد على أن دور الدبلوماسية الاقتصادية هو إعطاء الرؤية وتنسيق الجهود بين القطاعين العام والخاص، مؤكّدًا على ضرورة التفكير في مشاريع قطاعية ملموسة، ليس فقط في مجال الصناعات، بل أيضًا في الفلاحة، الفوسفات، النقل، الطاقة، والمواد الأساسية، حيث أبدت شركات تركية كبرى اهتمامًا فعليًا بدراسة فرص في هذه القطاعات داخل تونس.
وختم السفير بأن “المال قوام الأعمال”، مضيفًا أن السوق الإفريقية تبحث عن شركاء موثوقين، وأن تونس قادرة على أن تلعب هذا الدور الريادي، شريطة أن تتوفر الآليات الواقعية والمؤسساتية لتجسيد الرؤية المشتركة، وتحويلها إلى استثمارات فعلية وفرص تنموية ملموسة.
الذكاء الاصطناعي والصيرفة: قطاعات واعدة تنتظر الاستثمارات التركية
في خضم النقاش حول سُبل تنويع مجالات التعاون الاقتصادي بين تونس وتركيا، أثيرت مسألة غياب الاستثمارات التركية في القطاع المالي، وخاصة الصيرفة، رغم ما لهذا المجال من أهمية استراتيجية في تيسير المبادلات والتوسع في السوق الإفريقية. وعلّق السفير التركي أحمد مصباح دميرجان على هذه الملاحظة بقوله: “أنا شخصيًا لم أركّز بعد على هذا القطاع، لكنني أؤمن بوجود فرص واعدة فيه، خاصة بالنظر إلى حاجة القارة الإفريقية إلى مصارف قوية تستطيع دعم الحركة الاقتصادية وتمويل المشاريع المشتركة”.
وأكد أن أي استراتيجية تركية جدية تجاه إفريقيا يجب أن تشمل البنية المالية والمصرفية، لأن ولوج الأسواق الجديدة والمنافسة فيها لا يمكن أن يتم بدون أدوات تمويل مرنة وآمنة، واعتبر أن هذا الملف يستحق دراسة معمقة من الجانبين التركي والتونسي، لا سيما في ظل سعي تونس إلى تعزيز دورها كمحور إقليمي مالي ولوجستي.
وفي جانب آخر من الحوار، شدد السفير على أهمية التوجّه نحو الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، معتبرًا أن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا، بل أصبح حاجة حيوية مثل “الهواء والماء”، وفق تعبيره. وقال إن التطورات في هذا المجال تحوّل طريقة عمل الصناعات، حيث بات الذكاء الاصطناعي يُمكّن الآلات من العمل بشكل ذكي ومنسّق، ويُسرّع الوصول إلى المعطيات والمعالجة، مما يُوفر الوقت ويرفع من كفاءة الإنتاج.
واعتبر أن تونس تمتلك أرضية واعدة في هذا المجال، بفضل مواردها البشرية ومبادراتها التعليمية والتكوينية، مشيرًا إلى أن هناك إمكانية لبناء شراكات مثمرة في مجال التكنولوجيا، وخاصة في الذكاء الاصطناعي، من خلال ربط الخبرات التركية بالكوادر التونسية الشابة التي تمتلك قابلية للتطور والابتكار.
التعاون الأكاديمي والثقافي: ركيزة لتقوية العلاقات التونسية التركية
لا تقتصر الشراكة الاقتصادية بين تونس وتركيا على التجارة والاستثمار فقط، بل تمتد لتشمل مجالات التعليم والثقافة، حيث شهد العام الحالي نشاطًا ملحوظًا في التعاون الجامعي بين البلدين. فقد أعلن السفير التركي أحمد مصباح دميرجان أن أكثر من ستين جامعة تركية زارت تونس خلال الفترة الأخيرة، في إطار جهود التنسيق وتبادل الخبرات في مجالات متعددة تشمل العلوم السياسية، التاريخ، الزراعة، والتكنولوجيا، لا سيما الذكاء الاصطناعي.
وأشار السفير إلى وجود معرض سيعقد في سبتمبر المقبل بمشاركة نحو 15 شركة تركية متخصصة في التكنولوجيا الرقمية، والذي يمثل فرصة لتعزيز الشراكات بين الشركات التركية والتونسية. ويُذكر أن مركزًا رئيسيًا لهذه الشركات يقع في إسطنبول، حيث تتعاون مع شركاء في الهند وتونس عبر منصات إلكترونية تسمح بقبول المشاريع وتسهيل التعاون عن بُعد.
وأكد السفير على أهمية التنسيق بين المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص والجامعات لتحقيق أقصى استفادة من هذه المبادرات. وفي هذا السياق، أشار إلى وجود برامج تعليمية للغة العربية تستقطب سنويًا مجموعات من الطلاب الأتراك إلى تونس، ولفت إلى أن عدد الطلاب الأتراك الذين يدرسون في الجامعات التركية وصل إلى حوالي 1600 طالب، مقارنة بعدد محدود سابقًا.
كما كشف السفير عن جهود السفارة التركية في دعم تعليم اللغة التركية للشباب التونسي، بما في ذلك اقتراح تنظيم جولات دراسية إلى تركيا لتعزيز تعلم اللغة والثقافة، وهو ما سيساهم في توسيع قاعدة التواصل الثقافي والعلمي بين الشباب في البلدين.
وفي تعليق خاص، شدد السفير على الدور الحيوي للشباب في تقوية العلاقات الثنائية، مشيرًا إلى أن وجود الطلاب الأجانب في الجامعات التركية يصل إلى حوالي 350 ألف طالب من مختلف دول العالم، بما فيها دول أفريقيا والشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط.
وأشار إلى أن الرابط الإنساني والثقافي هو الأساس الذي يعزز العلاقات الاقتصادية والسياسية، مستشهدًا بالعلاقات القوية بين تركيا وألمانيا التي ترتكز على وجود أكثر من 3 ملايين تركي في ألمانيا، ما يخلق حالة من التفاعل المستمر بين البلدين.
وختم بالقول إن الاستثمار الحقيقي يبدأ من الإنسان، وأن تعزيز الروابط التعليمية والثقافية بين تونس وتركيا هو مفتاح رئيسي لتحقيق شراكة متينة ومستدامة على مختلف المستويات.
آفاق واعدة لشراكة “تونسية- تركية” مُتكاملة
في ختام هذا الحوار الشامل، يتضح جليًا أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين تونس وتركيا تزخر بفرص متعددة وطموحات كبيرة، لكنها تحتاج إلى إرادة مشتركة وتركيز على ترجمة الرؤى إلى برامج ومشاريع واقعية. تونس التي تمثل بوابة استراتيجية نحو إفريقيا، وتركيا التي تمتلك خبرة صناعية وبنية تحتية متطورة، يمكن لهما أن يشكلا شراكة متكاملة تقود إلى تنمية مستدامة ومربحة للطرفين.
النجاح في تحقيق هذه الأهداف لن يكون إلا من خلال تنسيق فعّال بين القطاعين العام والخاص، وتفعيل التعاون في مجالات النقل والطاقة والتمويل، إلى جانب تعزيز الروابط الثقافية والتعليمية التي تُرسّخ التفاهم والارتباط بين شعبي البلدين.
كما يشكل الشباب وقود هذه الشراكة المستقبلية، إذ إن الاستثمار في تعليمهم وتطوير مهاراتهم، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي، سيفتح آفاقًا جديدة للإبداع والابتكار.
إنها دعوة للعمل الجماعي والمستمر، ليتحول الطموح إلى واقع ملموس، فتتحقق التنمية الاقتصادية التي تستجيب لتطلعات شعبي البلدين، وتُرسخ مكانة تونس كمنصة اقتصادية حيوية في قلب إفريقيا، وتركيا كشريك استراتيجي قوي ومبتكر.