في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، تقف حلق الوادي كتحفة من زمن آخر، مدينة التقاء الأديان، وعبق التاريخ المشترك. مرّ بها يهود تونس واستقروا، فأنشأوا معابدهم، من أبرزها ربي اليهود، وتركوا بصماتهم في المطبخ، كما فعل مانينو، صانع الكسروتات و البريك بالورقة و”الصحن التونسي”، الذي لا يزال اسمه حاضرًا على طاولات الذواقة.
اليوم، حلق الوادي مدينة موسمية بامتياز. صيفًا، تصبح كـ”دار الفرح”، تتزين وتستقبل زوّار تونس الكبرى، بما في ذلك شاطئها النظيف نسبيًا، وجوّها الهادئ، ومطاعمها المتنوعة: من المقهى الأخضر “Café Vert” بأجوائه السياحية الراقية، و هو اشهرهم باطباقه المتنوعة من غلال البحر و السمك
إلى المطاعم الشعبية البسيطة مثل “عند محسن” التي تقدم أطباق السمك الطازج بأسعار رمزية ترضي كل فئة.
لكن، خلف هذا الجمال الصيفي، تكمن نقطة سوداء تُفسد الصورة: تردّي النظافة، وغياب الصيانة. البلدية، رغم موقع المدينة الحساس والسياحي، تبدو غائبة. الفضلات تُرفع بشكل عشوائي وبدون انتظام، الأوساخ تنتشر في الأنهج والزوايا، وجيوش الناموس تفتك بالسكان والزوار، خاصة في الليل، وكأن حلق الوادي تُعاقَب على جمالها.
في بقية الفصول، تخفت الحياة، وتعود المدينة إلى صمتها الثقيل، منتظرة صيفًا جديدًا يُعيد لها أنفاسها… أو إدارة محلية تُنقذها من التدهور البيئي وتعيد لها كرامتها.
حلق الوادي، رغم كل شيء، ما زالت مرآة لتونس: جميلة، غنيّة، ولكن مُتعبة من الإهمال.
سامي غابة