رغم أن الذهب كان يُعدّ عبر العصور رمزًا للثروة والاستقرار والادخار الآمن، فإن الواقع اليوم في تونس، وتحديدًا في سوق البركة العريق بالعاصمة، يروي حكاية مختلفة… حكاية تعب، ديون، وركود يخيّم على قطاع بأكمله.
يشكو تجار الذهب في تونس منذ سنوات من ركود رهيب، جعل نشاطهم التجاري في وضع لا يُحسد عليه. فبين كاهل الضرائب الثقيلة، وغلاء كراء المحلات، وصرف أجور العملة، يجد التاجر نفسه محاصرًا بمصاريف تفوق دخله أضعافًا، بل إن بعضهم لم يعد قادرًا على تسديد فواتير الكهرباء والماء، في مشهد يعكس مأساة حقيقية.
ويقول عدد من الحرفيين في سوق البركة إن الأزمة تفاقمت بفعل السياسات الإدارية المتشددة، مشيرين إلى ما وصفوه بـ”الضغط الكبير” من قبل الديوانة التونسية، ما زاد الطين بلة في وقت يُفترض أن يشهد انتعاشة موسمية مع حلول الصيف، موسم الأعراس والمناسبات.
لكن المفارقة أن الطلب على الذهب يكاد يكون معدومًا، فيما الذهب الخام نفسه مفقود أو صعب الحصول عليه، بسبب تراجع عمليات التوريد وغياب التسهيلات، ما جعل الكثير من الورشات تغلق أبوابها أو تتحول إلى أنشطة أخرى.
إنها أزمة مركّبة، يختلط فيها الاقتصادي بالإداري، والمهني بالاجتماعي، تتطلب تدخلًا عاجلًا من الدولة لإنقاذ قطاع كان يومًا ما مفخرة للصناعة التقليدية التونسية، قبل أن يتحول إلى عبء ثقيل على كاهل من تبقى فيه من الحرفيين و خاصة صغار المهنيين منهم.
سامي غابة