تشهد تركيا واحدة من أوسع حملات الاعتقال السياسي في تاريخها الحديث، إذ أظهرت مراجعة لوكالة رويترز أن أكثر من 500 معارض سياسي، أغلبهم من قيادات حزب الشعب الجمهوري، جرى اعتقالهم في غضون تسعة أشهر فقط، وسط ما وصفته الحكومة بـ”معركة ضد شبكة فساد أخطبوطية”.
حملة ضد بلديات المعارضة: “تحقيق أم تصفية سياسية؟”
التحقيق، الذي بدأ في إسطنبول وامتد إلى أنحاء البلاد، استهدف حصريًا بلديات يديرها حزب الشعب الجمهوري، الحزب العلماني الذي أسسه مصطفى كمال أتاتورك. ومن أبرز المعتقلين:
-
أكرم إمام أوغلو، رئيس بلدية إسطنبول وأحد أقوى منافسي أردوغان المحتملين للرئاسة،
-
و14 رئيس بلدية آخرين، إضافة إلى أكثر من 200 مسؤول محلي في الحزب.
الحكومة تؤكد أن القضية “قانونية بحتة”، لكن المعارضة تعتبرها محاولة لتصفية البديل الديمقراطي، وسط صمت دولي ملحوظ.
أدلة مشكوك فيها… و”إفادات توبة”
التحقيقات اعتمدت على إفادات مشكوك فيها، إذ أُفرج عن 32 شخصًا بعد الإدلاء بـ”اعترافات” من السجن بموجب ما يُعرف بـ”التوبة الفعالة”، فيما بقي أكثر من 220 معتقلًا قيد الإيقاف أو الإقامة الجبرية.
إمام أوغلو، مثلًا، يواجه اتهامات بالتواطؤ مع شبكة رشوة لمجرد أن هاتفه اتصل بنفس برج خلوي استخدمه متهمون آخرون، في حين يؤكد محاموه عدم وجود أي “دليل مادي”.
تساؤلات حول استقلال القضاء… وصمت غربي
رفضت الرئاسة التركية ووزارة العدل التعليق على أرقام الاعتقالات، في حين يرفض الرئيس أردوغان اتهامات تسييس القضاء، مؤكدًا أن “العملية قانونية وليست سياسية”.
لكن مراقبين ودبلوماسيين يرون أن التحقيقات تُستخدم “كأداة للاستنزاف السياسي”، لا سيما مع اقتراب الانتخابات، وسط تجنب الحلفاء الغربيين الانتقاد العلني رغم الاحتجاجات المتكررة داخل تركيا.
المشهد الانتخابي: هل يمهد أردوغان لإعادة الترشح؟
ورغم أن الانتخابات الرئاسية ليست مقررة قبل 2028، إلا أن هناك مؤشرات إلى أن أردوغان قد يسعى إلى تعديل دستوري للترشح مجددًا، خصوصًا مع تراجع شعبيته في المدن الكبرى، التي خسرها لصالح المعارضة في الانتخابات البلدية الأخيرة.
رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزجور أوزيل، وصف الاعتقالات بأنها “انقلاب على حزب أتاتورك”، وهي تصريحات دفعت السلطات لفتح تحقيق جديد ضده بتهمة إهانة الرئيس.