كشفت وزارة الصحة الإيرانية عن حصيلة “مأساوية” لضحايا الحرب الأخيرة التي شهدتها البلاد مع إسرائيل، مؤكدة أن نحو 700 مدني لقوا حتفهم في الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت عدة مدن إيرانية خلال شهر جوان/يونيو الماضي، وذلك في صراع مسلح استمر 12 يومًا وخلف آثارًا مدمرة على الصعيدين الإنساني والطبي.
وزير الصحة: “عدوان وحشي وغير مبرر ضد المدنيين”
وفي تصريحات رسمية نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية “إرنا”، قال وزير الصحة الإيراني محمد رضا ظفرقندي، خلال زيارة ميدانية إلى أحد المراكز الطبية في طهران، إن الاعتداءات التي نفذها “الكيان الصهيوني” أسفرت عن إصابة أكثر من 5000 مدني، بينهم حالات حرجة وجرحى من الأطفال والنساء.
وأشار الوزير، في مشهد مؤثر، إلى طفل يبلغ من العمر خمس سنوات نُقل إلى المستشفى بعد أن أصيب بحروق بنسبة 50%، فيما قضى جميع أفراد عائلته في نفس القصف. واعتبر الوزير أن هذه المشاهد “تجسد بشاعة العدوان وتؤكد أن المدنيين هم الضحية الأولى في هذه الحرب”.
استهداف المنشآت الطبية وفرق الإسعاف
لم تقتصر آثار الحرب على الضحايا المدنيين فحسب، إذ أكد ظفرقندي مقتل 18 من العاملين في القطاع الصحي، بينهم 6 أطباء، وذلك أثناء قيامهم بواجبهم المهني في إنقاذ الجرحى.
وأوضح أن الهجمات الإسرائيلية طالت أيضًا البنية التحتية الصحية بشكل مباشر، حيث تم استهداف 7 مستشفيات، مما اضطر السلطات إلى إخلاء بعض المراكز الطبية بشكل طارئ لضمان سلامة المرضى والأطقم الطبية.
كما تعرضت 11 سيارة إسعاف للقصف، ما تسبب في عرقلة عمليات الإغاثة والإسعاف، في خرق فاضح للقانون الدولي الإنساني، بحسب ما جاء في تصريح الوزير.
دعوات لتحقيق دولي
وشدد ظفرقندي على أن “هذه الاعتداءات الوحشية تتعارض مع جميع المبادئ الإنسانية والمعايير الدولية، وخصوصًا تلك المتعلقة بحماية المدنيين والمنشآت الصحية أثناء النزاعات المسلحة”.
وطالب الوزير الإيراني المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان بـ”تحقيق عاجل وشفاف” في الانتهاكات المرتكبة، داعيًا إلى محاسبة المسؤولين عن استهداف المدنيين والمنشآت الطبية، مشيرًا إلى أن “الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم قد يُفسر على أنه تواطؤ”.
خلفيات الحرب
وتأتي هذه التطورات في خضم تصعيد عسكري غير مسبوق بين إيران وإسرائيل خلال شهر يونيو 2025، شهد تبادلاً مكثفًا للضربات الصاروخية والجوية بين الجانبين، ما أدى إلى تدمير واسع النطاق في البنية التحتية وإزهاق أرواح المئات.
ورغم أن القتال توقف بعد اتفاق هش لوقف إطلاق النار بوساطة دولية، فإن الكلفة الإنسانية للحرب لا تزال تتكشف يومًا بعد يوم، وسط تخوفات من تجدد الصراع في حال فشل الجهود الدبلوماسية في تثبيت التهدئة.
تكشف الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة الإيرانية عن واقع إنساني مأساوي خلفته حرب قصيرة زمنًا، لكنها ثقيلة أثرًا. وبينما يستمر الجدل السياسي والعسكري، يبقى المدنيون — كالعادة — أبرز الضحايا، في ظل نظام دولي عاجز عن ردع آلة الحرب وفرض احترام القانون الإنساني.