تعيش محافظة اللاذقية السورية واحدة من أخطر موجات الحرائق التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة، حيث لا تزال النيران تلتهم الأخضر واليابس لليوم السادس على التوالي وسط ظروف جوية قاسية وتضاريس معقدة تُصعّب جهود الإطفاء.
الأمم المتحدة تدخل على الخط: “كارثة إنسانية وبيئية تتسع”
في بيان صدر يوم أمس، أكد آدم عبد المولى، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في سوريا، أن الحرائق واسعة الانتشار شمال غرب محافظة اللاذقية قد أجبرت مئات العائلات على مغادرة منازلها، كما طالت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية ومرافق البنية التحتية.
وأضاف عبد المولى:
“فرق الأمم المتحدة تجري حالياً تقييمات عاجلة لتحديد حجم الكارثة وتحديد الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً”.
دعم إقليمي: تركيا والأردن ترسلان مروحيات لإطفاء النيران
ضمن جهود الاستجابة السريعة، انضمت فرق من تركيا والأردن إلى جهود الإطفاء المحلية، عبر تقديم دعم جوي بالمروحيات لمساندة فرق الدفاع المدني السوري التي تعمل في ظروف بالغة الخطورة.
وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن أطقم الطوارئ تبذل جهوداً كبيرة لمنع النيران من التهام “محمية الفرنلق”، وهي من أكبر الغابات الطبيعية المتبقية في الساحل السوري وتُعرف بتنوعها البيئي الفريد.
وزير الطوارئ: “الحرائق مأساوية وأحرقت مئات الآلاف من الأشجار”
ووصف وزير الطوارئ السوري رائد الصالح الوضع بأنه “مأساوي للغاية”، مؤكداً في منشور على منصة (إكس) أن الحرائق تسببت في تدمير مئات الآلاف من الأشجار، مع تقديرات تشير إلى أن المساحة المحترقة تتجاوز 10 آلاف هكتار (ما يعادل نحو 38.6 ميلاً مربعاً).
قال الصالح بأسى:
“نأسف ونحزن على كل شجرة احترقت، والتي كانت مصدر هواء نقي لنا”.
تحديات مزدوجة: رياح قوية وذخائر غير منفجرة
ما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن فرق الإطفاء تواجه عقبات استثنائية، أبرزها الرياح الشديدة، درجات الحرارة المرتفعة، والأخطر من ذلك الذخائر غير المنفجرة التي خلفتها الحرب الأهلية المستمرة منذ 13 عامًا.
وأشار الصالح إلى أن هناك موقعين في محافظة اللاذقية لا تزال الجهود مستمرة للسيطرة عليهما، رغم تمكن الفرق من احتواء النيران في مواقع أخرى.
وقد أعرب الدفاع المدني السوري عن قلقه الشديد من وجود ذخائر حربية في مناطق الحرائق، ما يشكل خطرًا مباشرًا على حياة رجال الإطفاء ويعيق تحركاتهم.
تغير المناخ عنصر رئيسي في الكارثة
تُعد حرائق الغابات في الصيف ظاهرة متكررة في شرق البحر المتوسط، إلا أن خبراء المناخ يؤكدون أن تغير المناخ فاقم هذه الظواهر بشكل ملحوظ، من خلال زيادة فترات الجفاف ودرجات الحرارة المرتفعة، مما يُهيئ الأرض لاشتعال الحرائق بسرعة وانتشارها على نطاق واسع.
دعوات عاجلة للمساعدة الدولية
مع تصاعد الكارثة، ترتفع الأصوات الداعية إلى تقديم دعم دولي عاجل لتعزيز جهود الإطفاء واحتواء آثار الكارثة على السكان والنظام البيئي في المنطقة، وسط مخاوف من اتساع رقعة الحرائق إن لم تُكبح سريعًا.
في الوقت الحالي، تبقى اللاذقية تحت سحابة دخان كثيف، وأهلها في مواجهة مباشرة مع نارٍ لا ترحم، بينما يحبس السوريون أنفاسهم بانتظار أن تخمد النيران، ويُكتب فصل جديد من التعافي وسط ركام الخسائر البيئية والإنسانية.