تعيش الساحة الثقافية في تونس، هذه الأيام، على وقع الارتباك والتخبط، في وقت يُفترض فيه أن تكون عقارب الزمن قد دقّت استعداداً لانطلاق موسم المهرجانات الصيفية، وعلى رأسها مهرجان قرطاج الدولي، هذا الصرح الثقافي العريق الذي لطالما شكل واجهة تونس الإبداعية أمام العالم.
لكن، للأسف الشديد، يبدو أن الأمور لا تسير كما ينبغي. فرغم اقتراب موعد الدورة الجديدة، لا تزال إدارة مهرجان قرطاج غائبة بشكل يثير الكثير من التساؤلات. فلا أثر لأي إعلان رسمي، لا ندوة صحفية، ولا برنامج واضح، ولا حتى بيان يوضح التأخير… بل إن الموقع الرسمي للمهرجان ذاته خارج الخدمة!
في بلد يناضل من أجل ترسيخ حضوره الثقافي والإبداعي، يصبح هذا الغياب أمراً غير مقبول، بل مخجلاً. إذ كيف لمهرجان في حجم وقيمة قرطاج أن يعاني من هذا الصمت القاتل؟ وكيف يُترك الرأي العام في دوامة التكهنات دون توضيح رسمي من وزارة الإشراف؟
وزارة الثقافة مطالبة اليوم، قبل أي وقت مضى، بالخروج عن صمتها وتقديم إجابات واضحة:
أين هي إدارة المهرجان؟
من يتحمّل مسؤولية هذا التعتيم الإعلامي؟
ولماذا لم يتم احترام آجال التحضير كما جرت العادة؟
ليس مقبولاً أن يتحول مهرجان بحجم قرطاج إلى ملف مهمل أو مؤجل. ولا يمكن أن يرضى المثقفون والفنانون والإعلاميون بمثل هذه الارتجالية التي تضر بصورة تونس الثقافية وتضعف ثقة الجمهور المحلي والدولي في مصداقية مواعيدنا الثقافية الكبرى.
إننا اليوم أمام لحظة حاسمة تستوجب وقفة مسؤولة من وزارة الثقافة. فالثقافة ليست ترفاً، ولا المهرجانات مجرد حفلات… بل هي واجهة وطن وهوية شعب. وأي تهاون في إدارتها هو تهاون في حق البلاد.
ويبقى السؤال قائماً: متى تستفيق سلطة الإشراف من سباتها؟.
سامي غابة