سامي غابة
في ظلّ ما يُتداول اليوم بكثرة في أوساط المواطنين من شكاوى وتذمّر متكرّر من الفوضى وسوء التنظيم داخل بعض المؤسسات العمومية الصحية، تبرز الحاجة الملحّة إلى وقفة تقييم شاملة تهدف إلى تحسين جودة الخدمات، لا إلى تحميل المسؤوليات أو إطلاق الاتهامات.
فقد أصبح من المعتاد أن يسمع المواطن عن صعوبة النفاذ إلى بعض الخدمات الصحية، أو طول الانتظار، أو اضطراره للبحث عن “واسطة” لقضاء شؤون بسيطة كان من المفترض أن تُنجز بسلاسة وكرامة. البعض يتحدث عن تمييز في المعاملة، وآخرون يشتكون من اختلالات في توزيع الأدوية أو غيابها، بل حتى عن غموض في سلوك بعض الأعوان والموظفين، وهو ما يخلق مناخًا من عدم الثقة ويدفع المواطن إلى الإحساس بالغبن والتهميش.
لكن السؤال الحقيقي اليوم: ما الحل؟ وكيف نُعيد ثقة المواطن في مؤسساته الصحية؟
الإجابة واضحة وتبدأ من إجراءات عملية وفعّالة، أبرزها:
- تركيز كاميرات مراقبة داخل أروقة المستشفيات، مراكز الصحة الأساسية، والصيدليات المركزية، بما يحترم الخصوصية ولكن يضمن المتابعة والمحاسبة.
فوجود الكاميرا ليس ترهيبًا، بل أداة تضمن الشفافية وتُشعر الجميع مواطنين وعاملين بأن المؤسسة تحترمهم وتراقب أدائهم.
- التعجيل برقمنة الإجراءات والخدمات، بدءًا من حجز المواعيد، مرورًا بملفات المرضى، وصولًا إلى توزيع الأدوية.
إن الرقمنة تقلص التلاعب وتسهل العمل وتمنح للمريض فرصة المتابعة عن بُعد في إطار منظم وواضح.
- التكوين المستمر لأعوان الصحة في التعامل مع المواطنين، وتذكيرهم بأن حسن الاستقبال جزء من العلاج، وأنهم صلة الوصل بين المواطن والدولة.
- فتح قنوات رسمية للتشكي والإبلاغ عن التجاوزات دون خوف أو تعقيد، مع ضمان السرية وحماية المبلّغين.
نحن لا نُشكّك في مجهودات الأطباء، الممرضين، والإطارات الصحية الذين يعملون في ظروف صعبة بل نثمّن دورهم ونُدافع عنهم. ولكن في ذات الوقت لا بد من الاعتراف بوجود نقائص تستدعي إصلاحًا عاجلاً وعميقًا.
إن تحسين واقع الصحة العمومية لا يكون بالشعارات، بل بالإرادة السياسية، والتخطيط الذكي، والعمل الجاد،
فلنجعل من مؤسساتنا الصحية فضاءات تحفظ كرامة المواطن، وتُعيد له الثقة وتُعطي للعاملين بها المكانة التي يستحقونها في مجتمع متحضر وعادل بلا خوف ولا ابتزاز من اي كان و مهما كان
فالصحة اليوم ركيزة اساسية لا يستهان بها.