متابعة: حنان العبيدي
في أجواء فكرية وثقافية راقية، استضافت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) صباح اليوم الخميس 3 جويلية 2025 بمقرها بتونس العاصمة، معالي المهندس أحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام بدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي ألقى محاضرة تحت عنوان: «حوار على ضوء القيم: عندما يصبح التسامح ثقافة والسلام خيارًا»، وذلك في إطار سلسلة «أحاديث الألكسو» التي تستضيف نخبة من الشخصيات العربية المؤثرة.
وفي تصريح خاص لجريدة «الخبير»، استعرض معاليه رؤيته لمستقبل الشراكات العربية، وأهمية تعزيز ثقافة السلام في مواجهة خطاب الكراهية والتطرف، مؤكدًا أن الوطن العربي يزخر بفرص فكرية وثقافية هائلة يمكن أن تسهم في إشعاع رسالة التسامح عالميًا.
شراكات عربية تنقل رسالة المواطن إلى العالم
قال معالي المهندس أحمد بن محمد الجروان في حديثه لـ«الخبير»:
“أعتقد أن هذه الشراكة بين الجهتين المهمتين على الساحة العربية والإسلامية سوف تثري رسالة المواطن العالمي والثقافة العالمية في المحافل الدولية، من خلال توقيع برامج التفاهم والتعاون. وجودنا اليوم في هذا المكان المتميز، بقيادة رجل متميز مثل الدكتور محمد ولد أعمر، يعكس إدراكًا جماعيًا بأننا على مشارف آفاق كبيرة جدًا، خاصة وأن الشارع العربي والوطن العربي يزخران بالمؤثرين الإيجابيين في المجال العلمي والبحثي والأكاديمي والثقافي”.
وأضاف معاليه:
“هذه الشراكة مهمة للغاية في بناء التواصل ومد الجسور بين المؤسسات العربية، والتي نثق بأنها ستحمل رسالة المواطن العربي إلى الساحات الدولية. كما أن حضور أصحاب السعادة السفراء وممثلي الوطن العربي اليوم زاد من زخم هذا اللقاء ومنحه أهمية خاصة، بما يعكس إيمان الدبلوماسية العربية بالدور الريادي الذي تقوم به الألكسو في نشر الثقافة العربية”.
وخصّ بالشكر إدارة “الألكسو” قائلًا:
“لأشقائنا المشرفين على هذه المؤسسة كل التقدير والاحترام على اختيارهم شركاء من مختلف أنحاء الوطن العربي ليكونوا متواجدين وفاعلين. وما قدّمته الألكسو اليوم نموذج مضيء يثري مسيرتنا جميعًا.”
العرب دعاة سلام ورسالة الإعلام حاسمة
وانتقل معاليه في حديثه لـ«الخبير» إلى البعد القيمي لهذه اللقاءات، مشددًا على أن الروح العربية الأصيلة هي روح سلام، وقال:
“من خلال الرؤية العربية المتجذرة في أوطاننا، والتي روحها السلام، نحن دعاة سلام ومحبو سلام بطبعنا. مثل هذه اللقاءات والفعاليات التي تجمع نخبًا أكاديمية وعلمية، وكذلك نخبًا دبلوماسية وسياسية وإعلامية، تثري الرؤية العربية وتفتح آفاقًا واسعة”
وأشار معاليه بشكل خاص إلى دور الإعلاميين قائلاً:
“نركز على الإعلاميين لأنهم الموصل الأول لما يدور في أروقة هذه اللقاءات، وهم من ينقلون ما يحدث في الجدران إلى فضاءات الناس. هؤلاء يؤدون دورًا حيويًا في نشر قيم التسامح، وكشف خطر الخطابات التي تدعو إلى الكراهية أو نبذ الآخر”.
وأردف معاليه:
“نحن جزء لا يتجزأ من المنظومة الدولية؛ العالم ليس كله عالمًا إسلاميًا ولا مسيحيًا ولا غير ذلك. نحن مكوّن رئيسي في المجتمع الدولي، ولذا يجب أن نتفاعل ونتشارك ونعلم كيف نمد جسور التعاون مع الآخرين، دون خوف منهم أو تخويفهم منا. برسالة السلام والمحبة نستطيع أن نبني شراكات تفتح أبواب التعاون والعمل المشترك، بما يصنع مستقبلًا آمنًا للأجيال القادمة”.
وختم هذه الفقرة باستحضار تجربة بلاده قائلاً:
“دولنا استثمرت في السلام، والإمارات علمتنا كيف نعمل ونتفانى في سبيل السلام، مع كثير من الدول العربية والدول الصديقة، ضمن شراكات تُعلي قيمة التعايش وتخدم شعوبنا ومستقبلهم”.
الدبلوماسية الاقتصادية أداة لنشر التسامح ومكافحة التطرف
وفي إجابته على سؤال «الخبير» حول علاقة الأزمات الاقتصادية بتنامي الصراعات، قال معاليه:
“الدبلوماسية الاقتصادية يمكن أن تكون عاملًا رئيسيًا جدًا في نشر قيم التسامح والسلام، من خلال إيجاد فرص عمل حقيقية لمكونات المجتمع في أي دولة. فتاريخيًا، نجد بؤر الإرهاب والمشكلات متجذرة في المجتمعات الفقيرة المعوزة”.
وتابع معاليه موضحًا:
“لذلك ينبغي أن يكون الاقتصاد في صميم مشاريع نشر السلام، عبر شراكات مع الحكومات لجلب مشاريع صغيرة ومتوسطة تدرّ دخلاً على السكان، فتحميهم من الانجرار نحو الهجرة غير الشرعية، أو الوقوع ضحية لمن يستغلهم في منظمات إرهابية ومتطرفة. فهكذا نبني حصونًا مجتمعية ضد التطرف، ونرسّخ ثقافة السلام في الحياة اليومية.”
يعكس تصريح معالي أحمد بن محمد الجروان لجريدة «الخبير» رؤية واضحة بأن بناء مستقبل عربي آمن ومزدهر لا ينفصل عن تعزيز جسور التعاون مع العالم، ونشر قيم التسامح والسلام، مستندين إلى ثراء ثقافتنا العربية، وإلى استراتيجيات اقتصادية تنصف المجتمعات الهشة وتحميها من أن تكون وقودًا للصراعات.
اضغط على الرابط التالي لمشاهدة الفيديو: