أثار تقرير نشره موقع “USA Today” موجة من القلق في الأوساط العلمية والاجتماعية بالولايات المتحدة، بعد تأكيد اتساع رقعة انتشار “النحل الإفريقي القاتل”، وهو نوع شرس من النحل يُعرف بعدوانيته الكبيرة وهجماته الجماعية التي تهدد حياة البشر والحيوانات على حد سواء.
ووفقًا للتقرير، فإن هذا النوع من النحل الذي يطلق عليه علميًا اسم “النحل المهجن الإفريقي”، بات منتشراً في 13 ولاية أميركية، لا سيما في الجنوب الغربي، مثل تكساس وأريزونا ونيو مكسيكو، ويواصل زحفه نحو الولايات الشمالية التي لم تكن ضمن مجال انتشاره التقليدي سابقًا.
ضحايا بالعشرات وذكريات مرعبة
وخلال الأشهر الثلاثة الأخيرة فقط، توفي رجل أثناء جزّه العشب بعد تعرضه لهجوم مباغت من سرب نحل، في حين نُقل ثلاثة آخرون إلى المستشفى إثر تفاعل مماثل في إحدى المنتزهات العامة، بعد أن أزعج عامل تقليم أشجار مستعمرة للنحل عن غير قصد.
التقرير أشار إلى حالة شهيرة تعود إلى عام 2022، عندما تعرّض رجل من ولاية أوهايو لأكثر من 20 ألف لسعة من هذا النحل العدواني، ما استدعى إدخاله في غيبوبة اصطناعية لإنقاذ حياته.
كيف يختلف هذا النحل عن الأنواع الأخرى؟
علميًا، لا يختلف النحل الإفريقي كثيرًا عن نحل العسل الأوروبي في الشكل أو نوع السم، لكن ما يجعله مميتًا هو سلوكه الدفاعي العنيف. فبمجرد الشعور بأي تهديد – حتى لو كان بسيطًا – ينطلق السرب بأكمله في هجوم منسق قد يستمر لمسافة تصل إلى ميل كامل. ويستطيع النحل اللسع حتى من خلال الملابس الواقية، وهو ما يجعل التعامل معه شديد الخطورة حتى بالنسبة للمربين المحترفين.
تقول جوليا راجنيل، أستاذة تربية النحل في جامعة تكساس:
“هذا النحل عدواني للغاية. نحن نحرص دائمًا على إبقاء خلاياه بعيدة عن المناطق السكنية والمزارع والمواشي”.
من إفريقيا إلى أمريكا: كيف بدأ كل شيء؟
يعود أصل النحل الإفريقي القاتل إلى شرق إفريقيا، وتم إدخاله إلى البرازيل في خمسينيات القرن الماضي على يد عالم الوراثة ورويك كير، الذي كان يسعى لتحسين إنتاج العسل عبر تهجينه مع النحل الأوروبي. غير أن التجربة خرجت عن السيطرة، ليبدأ النحل بالانتشار في أمريكا الجنوبية ثم الوسطى، وصولًا إلى الولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن العشرين.
ويتكيّف هذا النوع بسهولة مع المناخات الجافة وشبه الجافة، لذلك يتركز وجوده في المناطق التي تقل فيها الأمطار والرطوبة، وهو ما يجعل ولايات الجنوب الغربي الأميركي بيئة مثالية له.
تحذيرات ومخاوف متزايدة
يحذر الخبراء من أن الوعي المجتمعي لا يزال ضعيفًا تجاه هذا الخطر، رغم الحالات المتكررة التي تم تسجيلها. ويوصي العلماء باتباع خطوات السلامة عند التواجد في الطبيعة، ومنها:
-
عدم الاقتراب من خلايا النحل أو إثارة الأصوات العالية قربها.
-
في حال التعرض للهجوم: الركض بسرعة وبخط مستقيم، وتجنب الاحتماء في المياه، لأن النحل ينتظر فوقها.
-
ضرورة إبلاغ السلطات المحلية في حال رصد أي نشاط غير طبيعي للنحل.
مصدر رعب سينمائي
لم تتوقف آثار “النحل القاتل” عند الواقع فقط، بل امتدت إلى عالم الفن والسينما، حيث أصبح مصدر إلهام لعدد من الأفلام والروايات التي تناولت كوابيس الهجمات الجماعية والآثار النفسية للضحايا.
رغم صغر حجمه، إلا أن النحل الإفريقي القاتل بات يشكل تهديدًا حقيقيًا للحياة العامة في الولايات المتحدة، مع مطالبات متزايدة بوضع خطط استباقية للحد من انتشاره، ورفع مستوى الوعي لدى المواطنين في المناطق المعرضة للخطر.
إنه تهديد لا يُرى بالعين المجردة من بعيد، لكن عند اقترابه… قد يكون قد فات الأوان.