في خطوة وُصفت بأنها مفصلية ضمن جهود تعزيز الاستدامة المالية وتنويع الإيرادات، أصدرت سلطنة عُمان مرسوما سلطانيا يقضي بفرض ضريبة دخل على الأفراد، تُطبّق ابتداءً من عام 2028، وتستهدف أصحاب الدخول المرتفعة فقط، وفق ما أعلنه جهاز الضرائب العماني.
وتأتي هذه الخطوة بينما تواصل الدولة الخليجية المحدودة الموارد النفطية تنفيذ برنامج إصلاح مالي متوسط الأجل، أُطلق في عام 2020، بهدف خفض الدين العام، وتعزيز الاستقرار الاقتصادي، وتحفيز النمو بعيدًا عن الاعتماد الأحادي على النفط.
5% على أصحاب الدخول المرتفعة
وبموجب المرسوم الجديد، سيتم فرض ضريبة بنسبة 5% على الأشخاص الطبيعيين الذين يتجاوز دخلهم السنوي 42 ألف ريال عماني (نحو 109 آلاف دولار). وأكد جهاز الضرائب أن القانون الجديد يتضمن خصومات وإعفاءات واسعة تراعي البعد الاجتماعي، وتشمل مجالات التعليم والصحة والزكاة والإرث والتبرعات والمسكن الأساسي.
وطمأن الجهاز المواطنين بالقول إن “حوالي 99% من المجتمع في سلطنة عمان غير مكلفين بهذه الضريبة”، ما يعكس تركيز الحكومة على شريحة محدودة من ذوي الدخل المرتفع.
إصلاحات لحماية الاقتصاد من تقلبات النفط
وقال وزير الاقتصاد العماني، سعيد بن محمد الصقري، إن فرض ضريبة الدخل على الأفراد يمثل رافدًا جديدًا من روافد تنويع الإيرادات العامة، موضحًا أنها تهدف إلى الحد من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للتمويل العام، إضافة إلى تأمين الاستمرارية في الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والتنموية.
وأشار الوزير إلى أن عوائد النفط والغاز ما زالت تُشكّل ما بين 68% و85% من إيرادات السلطنة العامة، وهي نسبة تعتمد بشكل مباشر على تقلبات أسعار الطاقة العالمية، مما يعزز الحاجة إلى مصادر إيرادات مستقرة وأكثر تنوعًا.
نتائج ملموسة وتحول مالي تدريجي
وقد نجحت السلطنة خلال السنوات الماضية في تحقيق استقرار مالي ملحوظ، عبر توجيه الفوائض النفطية إلى خفض الدين العام وتعزيز الإنفاق الاستثماري والاجتماعي. وتأتي هذه الجهود ضمن رؤية “عُمان 2040” وخططها التنفيذية، ولا سيما الخطة الخمسية العاشرة (2021–2025).
وبحسب وزارة الاقتصاد، فإن القانون الجديد يُعد جزءًا من حزمة تشريعية أوسع تهدف إلى بناء نظام ضريبي أكثر كفاءة وعدالة واستدامة، مع الحفاظ على تنافسية بيئة الأعمال وجذب الاستثمار.
رسالة تطمينية للمجتمع
ومن خلال تصميم الضريبة على نحو لا يمس الغالبية العظمى من المواطنين، وإدراج إعفاءات للمجالات الاجتماعية الحيوية، تحاول الحكومة إيصال رسالة واضحة مفادها أن السياسة الضريبية الجديدة لن تؤثر سلبًا على معيشة المواطن، بل تسعى إلى حماية المكتسبات وتحقيق تنمية أكثر استدامة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية.