سجلت أسعار النفط تراجعًا ملحوظًا اليوم الأربعاء، بعد مكاسب حادة في الجلسة السابقة، في ظل استمرار القلق من تداعيات التوتر الجيوسياسي بين إيران وإسرائيل، وترقّب الأسواق لقرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بشأن أسعار الفائدة، والذي يُتوقع أن يكون له تأثير مباشر على الطلب العالمي على الخام.
تراجع في الأسعار بعد قفزة مؤقتة
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بنسبة 1.18% إلى 75.55 دولارًا للبرميل، بينما تراجعت عقود خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 1.12% إلى 74.01 دولارًا.
وكان الخامان قد سجلا ارتفاعًا مؤقتًا في وقت مبكر من الجلسة تراوح بين 0.3% و0.5%، على وقع تقييم الأسواق لاحتمالات تصعيد الصراع الإقليمي.
عوامل متشابكة: صراع الشرق الأوسط والاحتياطي الفيدرالي
يرى محللون أن السوق تمر بلحظة حاسمة، حيث تلتقي المخاطر الجيوسياسية في الشرق الأوسط مع السياسات النقدية الأميركية، ما يُحدث حالة من التذبذب الحاد في حركة أسعار الطاقة.
وحذر الخبير الاقتصادي ومؤرخ النفط دانييل يرغن من أن الأيام الثلاثة إلى الخمسة المقبلة ستكون حاسمة لمسار سوق الطاقة، خاصة إذا شهدت المنطقة تطورات ميدانية بين إيران وإسرائيل، رغم عدم تأثر الإمدادات فعليًا حتى الآن.
من جهته، أشار المحلل توني سيكامور من شركة “آي جي” إلى أن حالة عدم اليقين قد تدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة في يوليو المقبل، وهو ما سيكون له تأثير داعم على أسعار الخام، بسبب العلاقة الإيجابية بين الفائدة والنمو الاقتصادي والطلب على النفط.
مضيق هرمز في دائرة التوتر
يمر نحو 20% من صادرات النفط العالمية المنقولة بحرًا عبر مضيق هرمز، مما يجعل أي تهديد لأمن هذا الممر البحري الحيوي عاملًا ضاغطًا على الأسواق. وتُعد إيران ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، بحجم إنتاج يبلغ 3.3 ملايين برميل يوميًا.
لكن وكالة “فيتش” ترى أن خطر توقف كامل للإمدادات الإيرانية “مستبعد”، لافتة إلى أن الطاقة الفائضة المتاحة لدى أعضاء “أوبك+” – وتُقدّر بنحو 5.7 ملايين برميل يوميًا – قادرة على تعويض هذا النقص.
الأسواق في حالة ترقّب مزدوج
إلى جانب متابعة التصعيد بين طهران وتل أبيب، تتطلع الأسواق إلى نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، حيث يُتوقع أن يُبقي الفائدة عند مستواها الحالي بين 4.25% و4.50%، لكن مع ازدياد الضغط من مؤشرات تباطؤ الاقتصاد الأميركي.
وقال كيلفن وونغ من “أواندا” إن هناك اتجاهًا صعوديًا لأسعار النفط الأميركية على المدى القريب، مدعومًا بارتفاع المخاطر الجيوسياسية، حتى في ظل تراجع الإقبال على عقود الشراء طويلة الأجل.
خلاصة: سوق النفط على مفترق طرق
رغم التراجع المؤقت في الأسعار، يبقى مستقبل سوق النفط مرتبطًا بشكل وثيق بعاملين رئيسيين:
-
مسار التوتر الإيراني-الإسرائيلي وتأثيره المحتمل على صادرات النفط
-
قرار الفيدرالي الأميركي وما إذا كان سيتجه نحو تخفيف السياسة النقدية لدعم الاقتصاد
وفي حين تبقى الإمدادات مستقرة نسبيًا، إلا أن السوق تُسعّر حاليًا الاحتمالات أكثر من الوقائع، ما يجعل الفترة المقبلة حافلة بالتقلبات.