سجلت نيجيريا تراجعًا جديدًا في معدل التضخم خلال شهر مايو/أيار 2024، في مؤشر يُعزز الثقة بالمسار الإصلاحي الذي تنتهجه حكومة الرئيس بولا تينوبو، بعد عام صعب شهد أعلى معدل تضخم تشهده البلاد منذ نحو سبعة عقود.
معدل التضخم يتراجع إلى 22.97%
بحسب بيانات رسمية صادرة عن المركز الوطني للإحصاء، بلغ معدل التضخم الاستهلاكي في مايو 22.97%، مقارنة بذروته البالغة 34.8% المسجلة في العام الماضي. وتُعد هذه المرة الثانية خلال 2024 التي يشهد فيها المؤشر انخفاضًا، ما يبعث برسائل طمأنة للأسواق والمواطنين على حد سواء.
فيما سجّل تضخم أسعار المواد الغذائية – المحرك الرئيسي للتضخم في نيجيريا – نسبة 21.14%، بانخفاض طفيف عن نسبة 21.26% المسجلة في أبريل.
البنك المركزي يثبت أسعار الفائدة للمرة الثانية
قرر البنك المركزي النيجيري خلال اجتماعه الثاني لهذا العام، الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، في إشارة إلى ثقته بفعالية الإجراءات السابقة دون الحاجة إلى تشديد إضافي للسياسات النقدية.
هذا القرار يعكس قناعة المؤسسة المالية بأن موجة التضخم بدأت في التراجع التدريجي، نتيجة للإصلاحات الاقتصادية المعتمدة من قبل الحكومة.
إصلاحات تينوبو: رفع الدعم وتحرير سوق الصرف
منذ توليه السلطة في مايو 2023، أطلق الرئيس بولا تينوبو إصلاحات اقتصادية عميقة، تضمنت:
-
رفع الدعم عن الوقود.
-
تحرير سوق الصرف الأجنبي.
-
تخفيض قيمة العملة المحلية (النيرة).
رغم أن هذه الإجراءات أثارت في البداية موجة من الغضب الشعبي بسبب تأثيرها المباشر على أسعار السلع والخدمات، فإن المؤشرات الأخيرة تُظهر بداية تعافي اقتصادي تدريجي، وفق تقييمات مؤسسات مالية دولية.
إشادة من موديز والبنك الدولي
في تقييم إيجابي صدر نهاية أبريل/نيسان الماضي، أشادت وكالة موديز للتصنيف الائتماني بالأداء الاقتصادي النيجيري، مشيرة إلى أن الإصلاحات ساهمت في تحسين ميزان المدفوعات، وزيادة احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي.
كما أوضحت الوكالة أن مخاطر التضخم التي نتجت عن التحولات السياسية تراجعت، وأن تكاليف الاقتراض المحلي بدأت بالانخفاض، ما يعكس استقرارًا تدريجيًا في السوق المالية.
من جهته، أكد البنك الدولي أن الإجراءات المتخذة لتحرير سوق الصرف ساعدت على تحقيق سعر صرف موحّد ومستقر يعكس الواقع الاقتصادي، ما مكّن البنك المركزي من إعادة بناء احتياطاته الرسمية، التي تجاوزت 37 مليار دولار أميركي.
تحديات ما زالت قائمة
رغم هذا التقدم، لا تزال التحديات الاقتصادية قائمة، أبرزها:
-
استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
-
الضغوط على القوة الشرائية للأسر الفقيرة.
-
الحاجة لتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية لتخفيف آثار الإصلاحات.
نحو مزيد من الاستقرار؟
تُعد هذه المؤشرات الإيجابية فرصة أمام الحكومة النيجيرية لتعزيز ثقة الشارع بالإصلاحات، وتحقيق التوازن بين استقرار الاقتصاد الكلي من جهة، وتوفير بيئة معيشية آمنة للمواطنين من جهة أخرى.
إذا ما استمرت السياسات على هذا النحو، فإن نيجيريا قد تكون على أعتاب مرحلة اقتصادية جديدة، تنهي سنوات من التضخم المرتفع والاعتماد على دعم غير مستدام.