وسط تصاعد غير مسبوق في وتيرة المواجهة بين إسرائيل وإيران، يرى خبراء ومحللون سياسيون أن الحرب الجارية، التي لم تتجاوز يومها الرابع، دخلت مرحلة إستراتيجية حساسة قد تعيد تشكيل الشرق الأوسط، في وقت يرفض فيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الدعوات الدولية لخفض التصعيد.
نتنياهو: الشرق الأوسط يتغير
في خطاب له الاثنين، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده “تسيطر على الأجواء الإيرانية” وتواصل استهداف مواقع نووية وعسكرية حيوية، مضيفًا أن “الشرق الأوسط يتغير”، وأن إسرائيل قضت على نصف المسيرات الإيرانية وضربت الرادارات ومبنى الإذاعة والتلفزيون.
ورغم هذا الخطاب المتفائل، أشار محللون إلى أن الهجمات الإيرانية طالت قلب إسرائيل، بما في ذلك تل أبيب وحيفا، وأجبرت سلطات الاحتلال على إغلاق مجالها الجوي ومطار بن غوريون للمرة الأولى منذ تأسيس إسرائيل عام 1948.
رهان نتنياهو: نصر إستراتيجي أم انتحار سياسي؟
يرى الدكتور مهند مصطفى، المتخصص في الشأن الإسرائيلي، أن نتنياهو يعتبر هذه الحرب فرصة لتعويض فشله في قطاع غزة عبر تحقيق “نصر إستراتيجي” في إيران. أما الباحث لقاء مكي، فيشير إلى أن نجاح نتنياهو في ضرب المشروع النووي الإيراني وإسقاط النظام السياسي هناك سيكون بمثابة إعلان انتصار على “رأس المحور المعادي لإسرائيل”، وربما يؤدي إلى إنهاء حرب غزة بالكامل.
لكنه حذر من أن فشل هذا المسعى سيكون مدمّرا، ليس فقط لنتنياهو سياسيًا، بل لأمن إسرائيل برمته، مشددًا على أن الاحتلال “وضع كل أوراقه في سلة هذه الحرب”.
إيران ليست الحلقة الأضعف
بدورها، قالت الباحثة في الشأن الإيراني د. فاطمة الصمادي إن إيران ليست دولة ضعيفة، وأن تصوير نتنياهو لها كأنها على وشك الانهيار “ينمّ عن عنجهية محتلة”. وأوضحت أن إسقاط النظام الإيراني وتدمير برنامجه الصاروخي ليس بالمهمة السهلة، مشيرة إلى أن الداخل الإيراني يرفض الرهان على إسرائيل أو المعارضة المدعومة من الخارج.
وأكدت الصمادي أن إيران تملك بدورها مشروعًا لتغيير وجه الشرق الأوسط، يتضمن “شرقًا أوسطًا خالٍ من إسرائيل”، لافتة إلى أن المعارضة الإيرانية في الخارج –ومنها رضا بهلوي– لا تحظى بتأييد داخلي حقيقي.
ترامب: لا خفض للتصعيد
في سياق متصل، كشف المحلل الجمهوري أدولفو فرانكو أن إدارة ترامب، رغم محاولات بعض الحلفاء الغربيين خلال قمة مجموعة السبع في كندا، رفضت مقترحًا لخفض التصعيد مع إيران.
وقال فرانكو إن نتنياهو “غَيّر فعليًا معادلات المنطقة”، مؤكدًا أن إسرائيل أضعفت حماس وحزب الله والحوثيين، وقضت على جزء كبير من البنية التحتية العسكرية الإيرانية، وتحظى بدعم داخلي أميركي وغربي، حتى من بعض الدول العربية “التي لا تعلن موقفها صراحة”.
ويعتقد لقاء مكي أن ترامب ينتهج موقفًا غامضًا متعمدًا، بانتظار اللحظة المناسبة للتدخل المباشر إذا ما تراجعت قدرة إيران على ضرب المصالح الأميركية، معتبرًا أن ترامب يسعى لحصد ثمرة الحرب في الوقت المناسب.