تُعقد قمة مجموعة الدول الصناعية السبع (G7) وسط أجواء دولية متوترة بفعل ثلاثة ملفات ساخنة تشكّل تحديًا حقيقيًا أمام التوافق الدولي: الصراع الإيراني-الإسرائيلي، الحرب الروسية على أوكرانيا، والخلافات التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب.
1. إيران وإسرائيل: صدام عسكري يهدد استقرار المنطقة
مع استمرار التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران منذ الهجوم الإسرائيلي المكثف على منشآت نووية وعسكرية إيرانية، يخيّم القلق على مداولات القادة المشاركين في القمة.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أشاد بالضربات الإسرائيلية، يحث الطرفين على “إبرام تسوية”، فيما تلتزم القوى الأوروبية الحذر، ويقود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جهودًا دبلوماسية للتهدئة، داعيًا طهران للعودة إلى طاولة المفاوضات.
أما اليابان، فخرجت عن الإجماع الغربي بإدانتها للهجمات الإسرائيلية، معتبرة أنها “غير مقبولة ومؤسفة للغاية”، في موقف يعكس توازن طوكيو الدبلوماسي تجاه طهران.
2. أوكرانيا: حرب مستمرة وخطاب أميركي مزدوج
تتواصل الحرب الروسية على أوكرانيا للعام الثالث على التوالي، وسط محاولات متكررة لجرّ الرئيس الأميركي إلى تحرك فاعل. وقد دُعي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لحضور القمة، على أمل انتزاع موقف أميركي أكثر وضوحًا.
الرئيس ترامب، الذي كان قد وعد في بداية ولايته بالتوصل إلى سلام مع روسيا، يجد نفسه اليوم أمام مشهد معقد: تقارب سابق مع بوتين يقابله الآن فتور متبادل، بعد رفض موسكو مقترح هدنة تدعمه واشنطن.
وعلى الرغم من الاتصال الهاتفي الذي جمع ترامب ببوتين لمناقشة الحرب في أوكرانيا والهجمات بين إيران وإسرائيل، لا يُتوقع أن يتضمن البيان الختامي أي إشارة مباشرة لهاتين القضيتين، في محاولة من رئيس الوزراء الكندي مارك كارني لتقليل حدة الخلافات داخل القمة.
3. تصعيد تجاري جديد: ترامب والرسوم الجمركية
التصعيد التجاري الأميركي يخيم هو الآخر على القمة، مع تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية شاملة على كل من الأصدقاء والخصوم اعتبارًا من 9 يوليو المقبل. هذا الإعلان أثار قلق الدول الأوروبية، وسط مساعٍ لتجنب مواجهة علنية معه خلال القمة.
وفي محادثة هاتفية قبل القمة، أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن أملها في إحراز تقدم بالمفاوضات، لكنها دعت إلى موقف مشترك حذر بشأن روسيا أيضًا.
ويحذر خبراء مثل جوش ليبسكي من “ردود فعل عكسية” في حال تحالفت الدول ضد ترامب بصورة صريحة، معتبرين أن الضغوط الجماعية عليه قد تعزز من تصلبه بدلًا من ليونته.
مواقف وخلافات تهيمن على المشهد
القمة تعقد في ظل أجواء شخصية متوترة بين ترامب وقادة القمة، خاصة بعد أن وصف كندا سابقًا بأنها “ينبغي أن تكون الولاية الأميركية رقم 51″، وهو تصريح أثار سخطًا واسعًا، قبل أن يهدأ التوتر منذ تولي مارك كارني رئاسة الوزراء خلفًا لجاستن ترودو.
من جانبه، يسعى كارني لإبراز وجه كندا كوسيط عقلاني يخفف الخلافات، لكن يبدو أن قادة المجموعة لن يخرجوا ببيان موحد حول القضايا الجوهرية.
خاتمة: عالم منقسم وقمة على المحك
تنعقد القمة في بلدة كاناناسكيس الهادئة، لكن ملفاتها أبعد ما تكون عن السكون. فالعالم يشهد تحولات جذرية، وتبدو مجموعة السبع اليوم أمام اختبار حقيقي لوحدتها وقدرتها على التأثير في الأزمات العالمية.