أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداد بلاده للعب دور الوسيط في النزاع المتصاعد بشأن البرنامج النووي الإيراني، في ظل استمرار المواجهة العسكرية العنيفة بين إيران وإسرائيل لليوم الثالث على التوالي.
وفي بيان رسمي صادر عن مكتب الرئاسة التركية، أشار أردوغان إلى أنه أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترامب خلال مكالمة هاتفية اليوم الأحد، أن تركيا مستعدة لتقديم جميع التسهيلات الممكنة لإنهاء التوتر من خلال الدبلوماسية، محذرًا من أن استمرار التصعيد يهدد بإشعال المنطقة بأسرها.
وقال أردوغان في الاتصال إن الدبلوماسية هي السبيل الوحيد لحل الأزمة النووية بين إيران والدول الغربية، مرحّبًا بتصريحات ترامب الأخيرة التي أبدى فيها استعدادًا للوصول إلى “اتفاق سلام” بين إيران وإسرائيل، وحاثًا إياه على التحرك العاجل لمنع تفاقم الأوضاع.
جهود تركية للوساطة رغم تعثر المفاوضات
وكانت أنقرة قد أعربت في وقت سابق عن رغبتها في لعب دور فاعل في منع مزيد من التصعيد بين إسرائيل وإيران، خاصة مع تعثر الوساطة العُمانية التي رعت 5 جولات تفاوض غير مباشرة بين واشنطن وطهران منذ أبريل/نيسان الماضي، بهدف إعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
لكن هذه المفاوضات تعثرت بشدة، إذ أعلنت سلطنة عُمان أمس السبت إلغاء جولة محادثات كانت مقررة بين إيران والولايات المتحدة، بعد وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لهذه المفاوضات بأنها “غير مبررة” في ظل استمرار القصف الإسرائيلي.
ووفقًا لمصادر مطلعة، تطالب الولايات المتحدة إيران بإرسال ما لديها من يورانيوم عالي التخصيب خارج البلاد، بينما تصر طهران على رفع العقوبات الاقتصادية عنها، مع تقديم ضمانات قانونية بعدم تكرار الانسحاب الأميركي من الاتفاق كما حدث عام 2018.
تصعيد عسكري متسارع بين إسرائيل وإيران
جاء التحرك التركي بالتزامن مع تصاعد المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، والتي بدأت فجر الجمعة بهجوم واسع شنّته إسرائيل تحت اسم “الأسد الصاعد”، مستخدمة عشرات المقاتلات لقصف منشآت نووية وقواعد صاروخية إيرانية، ما أدى إلى مقتل عدد من القيادات العسكرية والعلماء النوويين الإيرانيين.
وفي رد عنيف، أطلقت إيران عملية مضادة تحت مسمى “الوعد الصادق 3”، شنت خلالها عشر موجات من الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة على مواقع حيوية إسرائيلية، أسفرت – حسب الإحصاءات الإسرائيلية – عن مقتل 13 إسرائيليًا وإصابة المئات، إضافة إلى خسائر مادية جسيمة في تل أبيب، حيفا ومدن أخرى.
الدور التركي في الأزمات الدولية
وتسعى تركيا إلى ترسيخ دورها كقوة دبلوماسية في حل النزاعات الإقليمية، إذ تواصل وساطتها بين روسيا وأوكرانيا منذ أكثر من ثلاث سنوات، رغم تعثر المحادثات السياسية حتى الآن.
ويرى محللون أن دخول أنقرة على خط الوساطة في الملف الإيراني قد يعيد الزخم إلى المسار الدبلوماسي، خاصة في ظل انشغال سلطنة عمان وغياب قنوات مباشرة فعالة بين طهران وواشنطن.
لكن النجاح التركي سيعتمد على مدى استعداد الأطراف المعنية لقبول وساطة جديدة، وسط أجواء مشحونة وعسكرية مفتوحة تُهدد بتوسيع رقعة الصراع في الشرق الأوسط.