أعلن منظمو قافلة “الصمود”، القافلة المغاربية البرية المتجهة نحو قطاع غزة في محاولة رمزية لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، تراجعهم عن مواصلة المسير بعد أن منعتهم سلطات شرق ليبيا من عبور مدينة سرت نحو الأراضي المصرية، في ظل ما وصفوه بـ”تعسف أمني” واحتجاز متضامنين.
نهاية غير متوقعة لقافلة الأمل
وقالت تنسيقية العمل المشترك لأجل فلسطين -في بيان خاص للجزيرة- إن القافلة، التي انطلقت بدعم شعبي واسع من دول المغرب العربي، قررت إنهاء مسارها بعد أن أصرت قوات شرق ليبيا على منع مرورها رغم المساعي الحثيثة للحصول على الموافقات الأمنية.
وأوضح البيان أن السلطات الأمنية شرقي ليبيا لم تكتف بمنع القافلة من التقدم، بل شددت الحصار على المشاركين فيها، وقطعت عنهم التموينات الغذائية والطبية، إلى جانب تعطيل شبكات الاتصالات والإنترنت.
اعتقالات تثير الغضب
وأكد وائل نوار، المتحدث باسم القافلة، أن القافلة لن تعود إلى تونس قبل الإفراج عن 15 متضامنًا ليبيًا وتونسيًا وجزائريًا تحتجزهم القوات الأمنية بشرق ليبيا. وقال نوار في تصريحات للجزيرة: “نرفض العودة حتى يتم الإفراج عن جميع المحتجزين… مستمرون في اعتصامنا المفتوح بمنطقة بويرات الحسون غرب سرت”.
وأشار إلى أن الاحتجازات جاءت بزعم تداول مقاطع مصورة مسيئة للسلطات المحلية، في حين لم يصدر عن الجهات الأمنية في شرق ليبيا أي تعليق رسمي حول تلك الادعاءات.
اتهامات بـ”الممارسات التعسفية”
ندد القائمون على القافلة بما وصفوه بـ”الممارسات التعسفية والمخالفة لروح التضامن العربي والإسلامي”، مؤكدين أن منع قافلة تضامنية إنسانية من مواصلة طريقها نحو غزة يمثل انتكاسة مؤلمة للجهود الشعبية المناهضة للحصار.
وتساءلت التنسيقية في بيانها: “هل باتت معاني الأخوّة المغاربية والعربية مشروطة بموافقة أمنية؟ وهل يُعامل المتضامنون من أجل غزة كخصوم؟”.
حراك شعبي واسع… انتهى بالتجميد
وكانت قافلة “الصمود” قد ضمت أكثر من 1500 ناشط من تونس، الجزائر، المغرب، وليبيا، ضمن تحرك شعبي كبير يهدف إلى لفت الأنظار إلى ما يعانيه الفلسطينيون في غزة تحت الحصار، خاصة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أشهر.
وبحسب منظميها، كانت القافلة تخطط للوصول إلى معبر رفح البري عبر مصر، على أن يعبر المشاركون جزءًا من الطريق سيرًا على الأقدام، في رسالة رمزية للتضامن الإنساني والدعم السياسي للشعب الفلسطيني.
لكن الرحلة التي حملت آمال الآلاف من الشعوب المغاربية انتهت عند مشارف سرت، في مشهد يعكس الواقع المعقد للتضامن العربي في ظل الانقسامات السياسية والأمنية داخل بعض الدول.
ما بعد التراجع: انتظار وضغوط
يواصل المعتصمون اعتصامهم في بويرات الحسون، بانتظار استجابة السلطات الليبية لمطالبهم بالإفراج عن الموقوفين والسماح باستكمال المسير. في المقابل، تتصاعد الدعوات من منظمات حقوقية مغاربية ودولية للإفراج الفوري عن المحتجزين وضمان سلامة المشاركين في القافلة.
في وقت تتسارع فيه المآسي في غزة، يبدو أن التضامن العربي -ولو الشعبي- ما زال يواجه حواجز من نوع آخر… ليست عسكرية، بل بيروقراطية وسياسية، تمنع حتى الشرفاء من إيصال رسالة إنسانية.