تتسارع وتيرة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط عقب التصعيد العسكري الكبير بين إسرائيل وإيران، والذي بلغ ذروته نهاية الأسبوع الماضي مع بدء هجمات متبادلة وصفت بأنها “الأعنف منذ عقود”. وفيما لا تزال الصواريخ والطائرات المسيّرة تتساقط على مناطق متفرقة داخل إسرائيل، بدأت الأرقام تتكشّف حول الخسائر التي لحقت بالداخل الإسرائيلي، ما يعكس حجم الصدمة التي يعيشها الشارع.
9 آلاف طلب تعويض في أقل من 72 ساعة
أعلنت القناة الـ12 الإسرائيلية، صباح الاثنين، أن صندوق التعويضات الحكومي تسلم نحو 9 آلاف طلب تعويض منذ بدء عملية “الوعد الصادق 3” التي أطلقتها إيران ردًا على الهجوم الإسرائيلي المفاجئ فجر الجمعة. وبحسب مدير سلطة الضرائب شاي أهرونوفيتش، فإن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والممتلكات الخاصة والعامة خلال اليومين الأولين فقط بلغت مليار شيكل (نحو 277 مليون دولار).
وتوقع أهرونوفيتش أن ترتفع المطالبات لتتجاوز 12 ألف حالة تعويض خلال الأيام المقبلة، مع تواصل سقوط الصواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية في مناطق متعددة داخل إسرائيل، لا سيما في الوسط والشمال.
دمار “غير قابل للتصوّر”
رغم الرقابة العسكرية المشددة التي فرضتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على وسائل الإعلام، بدأت صور الدمار تتسرّب إلى منصات التواصل الاجتماعي. وأظهرت المشاهد تدميرًا واسع النطاق في تل أبيب وحيفا ورمات غان، حيث أشارت بلدية رمات غان إلى أن الهجمات “خلّفت دمارًا لا يمكن تصوره”، مع تضرر عشرات الأبنية السكنية وفقدان عدد كبير من السكان لمنازلهم.
في مدينة حيفا، أكدت مصادر محلية استهداف منشآت نفطية وخطوط طاقة رئيسية، في حين تم تدمير أجزاء من معهد وايزمان للأبحاث في تل أبيب، أحد أبرز المراكز العلمية الإسرائيلية.
“الأسد الصاعد” و”الوعد الصادق 3″: تبادل ضربات مؤلم
الهجوم الإسرائيلي، الذي أطلق عليه اسم “الأسد الصاعد”، استهدف عشرات المواقع داخل الأراضي الإيرانية، بينها منشآت نووية وقواعد صاروخية ومقار عسكرية، وخلّف خسائر بشرية ومادية في صفوف الحرس الثوري الإيراني.
وفي رد غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق، أطلقت إيران سلسلة من الهجمات المتتالية باستخدام صواريخ باليستية دقيقة وطائرات مسيّرة هجومية، في إطار ما سُمّي بـ**”الوعد الصادق 3″**، والتي طالت العمق الإسرائيلي للمرة الأولى بهذا الشكل، حيث سجّلت تل أبيب وحيفا وحدهما أكثر من 24 قتيلًا و592 مصابًا ومفقودين حتى مساء الأحد.
اقتصاد تحت الضغط
يرى خبراء أن الضربات الإيرانية وما خلّفته من خسائر مباشرة ستُضيف أعباءً ضخمة على الاقتصاد الإسرائيلي المتأثر أساسًا بتباطؤ النمو وتراجع الاستثمارات منذ الحرب على غزة. وتشير التقديرات إلى أن كلفة إعادة الإعمار، إلى جانب تعويض المتضررين ودعم الجبهة الداخلية، قد تبلغ مليارات الشواكل خلال الأشهر المقبلة.
كما أن الضرر الذي طال منشآت استراتيجية في الطاقة والأبحاث يزيد من تعقيد المشهد، ويضع الحكومة الإسرائيلية أمام سؤال محرج حول فاعلية أنظمتها الدفاعية، خاصة “القبة الحديدية”.
إلى أين يتجه التصعيد؟
وسط هذا التصعيد العسكري والأضرار الهائلة، يطرح المراقبون تساؤلات حول الخطوات المقبلة لكلا الطرفين. فهل تتجه إسرائيل إلى تصعيد أكبر قد يشمل حربًا مفتوحة؟ أم أن الضغوط الدولية ستفرض وقفًا مؤقتًا لإطلاق النار؟ وفي كلتا الحالتين، فإن الأيام المقبلة ستكون حاسمة لمسار الصراع الإقليمي الأوسع.