تتصاعد في إسرائيل موجة من الانتقادات السياسية والأمنية ضد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، على خلفية الكشف عن قيامها بتسليح مليشيا “ياسر أبو شباب” في قطاع غزة، في خطوة قالت الحكومة إنها تهدف إلى تقويض نفوذ حركة حماس، لكنها أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإسرائيلية.
اتهامات بتمويل الإرهاب والجريمة
بحسب ما نقلته صحيفة يديعوت أحرونوت، فإن عناصر مليشيا “أبو شباب” متورطون في أنشطة إجرامية وعلاقات مع تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى “تاريخ من تنفيذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية”. وأشارت الصحيفة إلى أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) هو من بادر بتسليح هذه الجماعة، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، وبتفويض مباشر من نتنياهو.
وفي خطوة غير مسبوقة، قال زعيم حزب “إسرائيل بيتنا”، أفيغدور ليبرمان، إن نتنياهو “يسلح جماعات شاركت في إطلاق صواريخ على إسرائيل، وقتلت 13 جندياً، وساهمت في أسر الجندي غلعاد شاليط”، مشدداً على أن “من غير المعقول دعم مليشيات تعمل في التهريب والابتزاز ولا تعبأ بالقضية الفلسطينية”.
خطة سرية وتسليح مباشر
وبحسب موقع والا الإخباري، فقد تم نقل عشرات وربما مئات الأسلحة، بينها بنادق ومسدسات، إلى المليشيا المتمركزة في رفح، جنوبي قطاع غزة، بدعوى أنها جماعة معارضة لحماس. وأكد التقرير أن الأسلحة الموجهة لهذه الجماعة كانت جزءاً من “إستراتيجية أمنية إسرائيلية” تهدف لإضعاف حماس من خلال دعم منافسيها الداخليين.
إلا أن المحلل السياسي الإسرائيلي آفي إشكنازي انتقد بشدة هذه الخطوة، قائلاً إن “نتنياهو يستبدل حماس بعصابة إجرامية لا تمتلك أي مشروعية شعبية أو سياسية”.
رفض اجتماعي وتحذيرات داخلية
اللافت أن هذه الجماعة المثيرة للجدل لا تحظى بأي غطاء اجتماعي أو قبلي داخل غزة، كما ورد في بيان لعائلة “أبو شباب” نفسها، التي تبرأت من تصرفات ياسر أبو شباب بعد تأكيد صلته بإسرائيل.
وقال الكاتب والمحلل حلمي موسى إن “هذه المجموعة تسعى فقط لمصالحها الخاصة، ولا تحظى بدعم حقيقي من أي مكون اجتماعي أو سياسي في غزة”، مشيراً إلى أن عدد أفرادها لا يتجاوز 300 عنصر رغم مرور أكثر من عام على دعمها وتسليحها من قبل إسرائيل.
من الجريمة إلى العمل الميداني
نشأت مجموعة “أبو شباب” بحسب تقارير أمنية، من أنشطة إجرامية شملت السطو وتهريب المساعدات، قبل أن تنتقل للعمل العسكري في عمليات ميدانية داخل غزة تحت إشراف مباشر من الجيش الإسرائيلي. لكن التسريبات حول علاقتها بالتنظيمات المتطرفة، وعملها في التهريب عبر الأنفاق، أثارت مخاوف من انعكاسات عكسية على الأمن الإسرائيلي.
جدل داخل المؤسسة الأمنية
وبينما بررت الحكومة القرار بأنه “جزء من خطة لإعادة التوازن في غزة”، تتخوف دوائر الأمن من ارتداد هذا السلاح على إسرائيل نفسها، وسط تزايد في التحذيرات من أن الجماعة لا يمكن السيطرة عليها بالكامل، وقد تستخدم التسليح المقدم لها لأغراض تتجاوز ما تم الاتفاق عليه.
خلاصة المشهد: مقامرة سياسية محفوفة بالمخاطر
خطوة حكومة نتنياهو بتسليح مليشيا محلية في غزة، دون غطاء شعبي أو سياسي، تكشف عن مقامرة أمنية محفوفة بالمخاطر، وتثير تساؤلات خطيرة حول حدود استخدام الجماعات المسلحة كأدوات سياسية في صراع معقد ومتشعب كالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وبينما تُبرر الخطوة بأنها ضربة استباقية لحماس، يرى منتقدوها في الداخل الإسرائيلي أنها مقامرة قد تنقلب على أصحابها، وتفتح الباب أمام فوضى أمنية تهدد المنطقة بأكملها.