في ظل الضغوطات المالية المتزايدة على خزينة الدولة، خصوصًا خلال شهر جوان 2025، يتواصل الغموض حول موعد إصدار القرض الرقاعي الوطني المُدرج بقانون المالية لسنة 2025 بقيمة 4.8 مليار دينار، رغم حصول وزارة المالية على الترخيص القانوني لذلك منذ بداية السنة.
وفي هذا السياق، أكّد المحلّل المالي بسام النيفر في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء، أن القرض لا يزال قائمًا قانونيًا، وأن تنفيذه يظل رهين تطورات السوق ونسبة الفائدة المديرية، مرجّحًا أن تسعى الدولة إلى تأجيل الإصدار لأقصى حد ممكن، في انتظار تراجع محتمل في كلفة التمويل.
ميزانية بفائض… ولكن
اللافت أن تنفيذ ميزانية الدولة إلى غاية مارس 2025 سجّل فائضًا بأكثر من 2 مليار دينار، ما دفع بالنّيفر إلى اعتبار غياب الحاجة المستعجلة لإصدار القرض الرقاعي، خاصة مع بقاء جزء كبير من القرض الذي تحصّلت عليه الدولة من البنك المركزي – البالغ 7 مليارات دينار – دون صرف.
شهر جوان: عنق زجاجة مالي
ورغم هذا “الهامش المالي النسبي”، حذّر النيفر من أن شهر جوان يُعدّ الأصعب على الخزينة العامة، نظرًا لتراكم آجال سداد رقاع خزينة قصيرة المدى، بقيمة إجمالية تتجاوز 3 مليارات دينار، موزعة على تواريخ متقاربة بين 9 و23 جوان.
في المقابل، لم تصدر وزارة المالية أي بلاغ رسمي بشأن القسط الأول من القرض الرقاعي الوطني، في حين كان يُنتظر الشروع في الاكتتاب منذ فيفري المنقضي، بما يعادل ربع المبلغ الجملي، أي حوالي 1.2 مليار دينار.
بين التريّث والتحدي
واعتبر النيفر أن اللجوء إلى رقاع الخزينة قصيرة المدى – عوض إصدار أقساط طويلة الأجل بنسب فائدة مرتفعة – يُمثّل “تصرفًا حذرًا” من وزارة المالية، لكنه في الآن نفسه يعكس هشاشة خيارات التمويل، ويُرجّح إمكانية عودة الدولة لاحقًا إلى السوق المالية الداخلية في حال لم تتوفر بدائل أقل كلفة.
إصلاحات مؤجلة ورهانات مفتوحة
في انتظار صدور القرض الرقاعي أو استغلال ما تبقّى من تمويلات البنك المركزي، تبقى قدرة الدولة على إدارة رزنامة الديون الداخلية مرتهنة بحسن التصرّف من جهة، وبقدرتها على إقناع السوق وضمان ثقة المموّلين من جهة أخرى.