يصوّت مجلس الأمن الدولي، اليوم الأربعاء، على مشروع قرار جديد يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، ويدعو إلى رفع القيود المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية، في خطوة قد تشكّل اختبارًا حاسمًا لموقف القوى الكبرى من الكارثة المتصاعدة في القطاع المحاصر.
نص القرار وأهدافه الإنسانية
بحسب مصادر دبلوماسية تحدّثت لقناة الجزيرة، فإن مشروع القرار، الذي تقدّمت به الدول العشر المنتخبة في المجلس، يدعو إلى:
وقف إطلاق النار فورا في كافة أرجاء قطاع غزة.
رفع غير مشروط وفوري لكافة القيود التي تعيق دخول المساعدات الإنسانية.
ضمان وصول الأمم المتحدة وشركائها الإنسانيين إلى جميع المناطق المتضررة في القطاع.
استعادة الخدمات الأساسية بما يتوافق مع أحكام القانون الدولي، وخصوصا القانون الإنساني الدولي.
ويأتي مشروع القرار في ظل تصاعد الضغط الدولي على إسرائيل بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، وتفاقم المجاعة، وارتفاع أعداد القتلى المدنيين، خاصة الأطفال والنساء.
مجزرة رفح تسرّع الحراك
تزامن الدفع نحو التصويت مع حادثة دامية جديدة وقعت يوم الثلاثاء، حين أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن “مجزرة جديدة” ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي قرب مركز توزيع مساعدات أميركي-إسرائيلي في محافظة رفح.
وقد أسفرت الهجمات عن استشهاد 27 مدنيًا، معظمهم من الباحثين عن الطعام، بالإضافة إلى إصابة أكثر من 90 آخرين. وندّد المكتب بتحويل مراكز المساعدات هذه إلى “مصائد موت جماعي”، كاشفًا أن عدد الشهداء جراء المجاعة والهجمات المرتبطة بها بلغ 102 شهيدًا خلال 8 أيام فقط، مع 490 إصابة.
هل يُمرّر القرار؟
يتطلّب اعتماد القرار موافقة 9 من أصل 15 عضوا، شرط عدم استخدام أي من الأعضاء الدائمين لحق النقض (الفيتو). ويشكّل هذا أحد أبرز التحديات، لا سيما في ظل سجلّ الولايات المتحدة في استخدام الفيتو ضد قرارات مشابهة في الشهور الماضية، دعما لإسرائيل.
ويضمّ مجلس الأمن 5 دول دائمة العضوية: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، والمملكة المتحدة. كما يضم 10 دول غير دائمة العضوية تُنتخب دوريًا، وقد طالبت هذه الدول العشر مجتمعة بعرض المشروع للتصويت، ما يعكس إجماعا متزايدًا على ضرورة التحرك العاجل.
تغييرات قادمة في تشكيلة المجلس
وفي تطور مرتبط، اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة خمس دول جديدة للانضمام إلى مجلس الأمن بداية من يناير/كانون الثاني 2026، وهي: البحرين، جمهورية الكونغو الديمقراطية، ليبيريا، لاتفيا، وكولومبيا. وستحل هذه الدول محل: الجزائر، غويانا، كوريا الجنوبية، سيراليون، وسلوفينيا.
هذه التغييرات قد تؤثر مستقبلًا على مواقف المجلس تجاه القضايا الحساسة، ومنها النزاع الإسرائيلي الفلسطيني، حسب التوازنات الإقليمية والسياسية التي تمثّلها هذه الدول.
لحظة مفصلية لمصداقية الأمم المتحدة
التصويت على مشروع القرار اليوم ليس مجرد إجراء روتيني؛ بل يُعد اختبارًا حاسمًا لمصداقية مجلس الأمن وقدرته على التحرك لوقف واحدة من أكثر الكوارث الإنسانية فتكًا في العصر الحديث. وبينما يموت المدنيون جوعًا وقصفًا، تتجه الأنظار نحو قاعة المجلس في نيويورك لمعرفة ما إذا كان العالم سيتحرّك أخيرًا، أم أن الفيتو سيُجهض صوت الإنسانية مرة أخرى.