في تطوّر يثير القلق، أعلنت النائبة الفرنسية في البرلمان الأوروبي ريما حسن أن طائرة مسيّرة حلّقت فوق السفينة “مادلين” التابعة لأسطول الحرية، في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، بينما كانت تبحر باتجاه قطاع غزة في مهمة إنسانية لكسر الحصار المفروض على سكانه.
وقالت ريما حسن -التي تشارك في المهمة ضمن 12 ناشطًا دوليًا على متن السفينة- إن الفريق المتواجد على ظهر “مادلين” يخشى تعرّضهم لهجوم إسرائيلي، بعد تحليق المسيّرة في أجواء السفينة، مشيرة إلى أنه تم اتخاذ جميع الاحتياطات تحسّبًا لأي سيناريو محتمل.
مخاوف مشروعة… وتجربة مؤلمة في الخلفية
يأتي هذا التطور في ظل تصاعد القلق من تكرار مشهد الهجوم الذي وقع في مايو/أيار الماضي، حين تعرّضت سفينة أخرى من أسطول الحرية لهجوم بطائرتين مسيّرتين، قرب المياه الدولية قبالة مالطا. وأسفر ذلك الهجوم عن تعطيل السفينة وفشل مهمتها.
وحذّرت ريما حسن -في حديثها لقناة الجزيرة- من أن التهديدات لا تزال قائمة، وذكّرت بإمكانية تنفيذ هجوم باستخدام طائرات مسيّرة، أو حتى تفجير السفينة من أسفل عبر غواصات إسرائيلية، أو قيام وحدة خاصة باعتقال الناشطين كما حصل في حوادث سابقة.
“ما يواجهه الفلسطينيون أخطر بكثير”
رغم الخطر، أكدت النائبة الأوروبية أن المشاركين في الرحلة يدركون خطورة المهمة، إلا أنهم يعتبرون أن ما يعانونه لا يُقارن بمأساة أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة، والذين يواجهون قصفًا وتجويعًا ممنهجين منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، في سياق الحرب الإسرائيلية المستمرة.
وأضافت: “نحن لسنا شجعانًا، نحن فقط بشر نقف مع الإنسانية. ما يواجهه الفلسطينيون يوميًا من قصف ومجاعة وحصار أكبر من كل ما قد نواجهه هنا”.
“مادلين”… السفينة رقم 36 في أسطول الحرية
تُعدّ “مادلين” السفينة رقم 36 ضمن تحالف أسطول الحرية، المبادرة الدولية المدنية التي انطلقت قبل أكثر من عقد من الزمن بهدف كسر الحصار البحري على غزة. وتحمل هذه الرحلة رمزية خاصة، في ظل استمرار المجاعة والانهيار الصحي في القطاع.
تهديدات إسرائيلية مستمرة
كانت إسرائيل قد أعلنت مرارًا أنها ستستخدم القوة لمنع أي سفينة من الاقتراب من قطاع غزة، مشيرة إلى أن أي محاولة خرق للحصار البحري تُعد “عملاً عدائيًا”. ويستند الاحتلال في ذلك إلى تبريرات أمنية، رغم إدانات متكررة من الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية.
ويستذكر كثيرون الهجوم الدموي على سفينة مافي مرمرة في عام 2010، عندما قتلت القوات الإسرائيلية 10 متضامنين أتراك خلال عملية اقتحام في المياه الدولية، ما فجر أزمة دبلوماسية كبرى حينها بين أنقرة وتل أبيب.
خلاصة: اختبار جديد لإرادة المجتمع المدني العالمي
رحلة “مادلين” لا تمثل مجرد محاولة لتوصيل مساعدات، بل هي رسالة سياسية وإنسانية، تواجه مجددًا امتحان القمع والردع الإسرائيلي في عرض البحر. ومع تحليق المسيّرات فوق السفينة، تتجه الأنظار لمعرفة ما إذا كان التاريخ سيُعيد نفسه، أو ما إذا كانت الضغوط الدولية ستنجح هذه المرة في حماية عمل إنساني سلمي من نيران الترهيب.