في ظل اتهامات مستمرة بالانشغال بالملفات السياسية والدستورية، سجّل الرئيس قيس سعيّد ثلاث نقاط اجتماعية لافتة خلال سنتي 2024 و2025، عبر إصلاحات تمسّ عمق الحياة اليومية لمئات الآلاف من التونسيين. من قانون الشيكات دون رصيد، إلى خفض نسب الفائدة على القروض البنكية، وصولًا إلى إصلاح شامل لمجلة الشغل، يبدو أن الرئاسة بدأت تُغيّر بوصلتها نحو الملفات ذات الطابع الاجتماعي.
1. ثورة في التعامل مع الشيكات دون رصيد – أوت 2024
بموجب القانون عدد 2024-31 المؤرخ في 2 أوت 2024، تم التخلّي عن العقوبات السجنية كخيار أول في قضايا الشيكات دون رصيد، وتعويضها بغرامات مالية وإجراءات تصحيحية، مثل تقييد الحسابات وتمكين المخالفين من تسوية أوضاعهم دون المرور بالسجن.
هذا الإجراء ساعد آلاف المواطنين، خصوصًا من التجار والحرفيين، على الخروج من وضعيات الإفلاس والهروب، واستعادة حركتهم الاقتصادية في إطار قانوني.
2. خفض نسب الفائدة على القروض القارة
نفس القانون نصّ من الفصل 7 إلى 10 على خفض استثنائي لنسب الفائدة على القروض ذات النسبة القارة، خصوصًا القروض السكنية والاستهلاكية. وبدأت البنوك مراجعة آلاف العقود استنادًا إلى هذه الأحكام، مما وفّر متنفسًا ماليًا لحوالي 380 ألف عائلة تونسية كانت ترزح تحت وطأة أقساط شهرية مرهقة.
3. إصلاح مجلة الشغل – ماي 2025
في ماي 2025، أقرّ البرلمان القانون عدد 2025-12 المتعلق بإصلاح مجلة الشغل، في خطوة اعتُبرت “تاريخية” بعد سنوات طويلة من الجمود. وشمل القانون:
-
توسيع نطاق العقود المحددة المدة للمؤسسات الناشئة؛
-
إحداث صندوق لتعويض الطرد التعسفي؛
-
تبسيط الإجراءات الاجتماعية والإدارية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة؛
-
الشروع في إدماج تدريجي للعمال غير النظاميين ضمن منظومة التغطية الاجتماعية.
توجّه اجتماعي جديد؟
تطرح هذه الإصلاحات سؤالًا محوريًا: هل بدأ الرئيس قيس سعيّد بتحويل وجهة حكمه نحو الملفات الاجتماعية؟
في ظل احتقان سياسي متواصل وتحديات اقتصادية متصاعدة، يبدو أن الرئاسة اختارت إعادة ضبط الأولويات عبر مقاربات أكثر واقعية، تضع المواطن في قلب الاهتمام.
ورغم الانتقادات الموجهة لسياساته، فإن هذه القوانين تمثّل مكاسب ملموسة لكثير من الفئات، وقد تُعيد بعض التوازن إلى مشهد سياسي لا يزال هشًا.
أبو فرح